اهدم أوثانك وانتصر

هند الحمدانية

انتهت المعركة.. وعادت الجيوش منحسرة إلى أراضيها الفقيرة، ظنَّ الطرف المنتصر حينها أنه فاز فوزا عظيما، أما الطرف الآخر فكان كموجة بحر انحسرت مخلفة وراءها بقايا التراب البني الرطب ومحارة بحر مكسورة، كانت المعركة قاسية بعض الشيء وخلفت بعض الأضرار المادية التي يمكن حصرها، أما الجنود فعادوا محملين بذكريات الخيبة والألم والعار.

تنتهي المعارك ... وتمر الأعوام، ولا يذكر منها سوى سنة حدوثها ومقابر الشهداء الذين غادروا إلى دار البقاء، ولكن السؤال الذي حيرني كثيرًا بعض مضي سنوات طويلة على معركة دارت في الماضي، بقي منها أكثر من مجرد أثر وتاريخ، بقي منها شيء أعمق، لم أدركه إلا بعد زمن طويل جدًا، عندما وقعت في فخاخ متكررة ومعارك متتالية لم أكن أدرك سبب تكرارها علي بنفس الرسالة مع شخوص مختلفة وأزمنة متفاوتة، عندها فهمت أن المعارك لا تنتهي بانتهاء الاشتباك الفعلي بين الجيوش، بل تمتد لأعماق الجنود وتعيش فيهم للأبد.

عندما تكون طفلاً لا تختار المعارك التي تخوضها، ولا تملك الحق في الاختيار بين القتال والسلم، يدس بك في المعارك عنوة، وتجد نفسك فجأة في وسط مُعترك لا حول لك فيه ولا قوة.

وهنا يبرز السؤال الحقيقي: كيف لك أن تخرج فعليًا من معركة قديمة ومتجددة ما زالت تدور في داخلك وما زال قرع طبولها وصوت حوافر خيولها يضج في مسامعك، أنا أعلم جيداً أن كل قارئ يمر على هذه السطور، يستحضر من خلالها معركته الخاصة وغزواته اليومية الروتينية التي ما زالت تعشش داخله.

وكمحاولة لابتكار حل جذري، بعيدا عن النصائح  النفسية والبحوث العلمية، حل سحري وعملي وفي متناول فم الجميع، وبمجرد اعتماده سوف ينقلب عالمك تمامًا ، لواقع آخر لا يشوبه الضغط النفسي والقلق المتزامن مع التدخلات التي تقف فيها مكبل اليدين، إنه الحل القديم الذي سوف يغنيك ويثري بالك براحة منقطعة النظير، هو المثل الشعبي: (كلمة تستحي منها بدها)، كلمة تدور في صدرك وتسبب لك الأرق ابدأ بها، ولا تكتمها في صدرك فتقعد ملوماً محسورا، إذا الحل في تلك الكلمة التي تبادرك إثر المواقف وتتخاذل عن الإفصاح بها  فتتحمل ما لا طاقة لك به  أو تسلب منك حقوقاً مشروعة أو تجعلك فريسة سهلة للاستغلال من القريب قبل البعيد وما زالت الكلمة المشروعة عالقة في حنجرتك.

كلمة تستحي من قولها ابدأ بها ولا تبرر الأسباب، عندما تطحنك الحياة وتستنزفك العلاقات الإنسانية لأنك لم تكن شجاعاً كفاية لتستل كلمتك المشروعة، لن يبرر لك أحد، ولن يعوض عليك أحد خسائرك المادية والنفسية، سوف تعود ذلك الجندي المنهزم في معركته وعلى وجهه لطخة الغبار وفوق صدره طعنات المواجهات وعبء المجاملات، كن شجاعا استل تلك الكلمة الصادقة وألقها في وقتها المناسب، واهدم وثن المجاملة وأتبعه ببقية الأوثان من خوف وخجل وعدم قدرة على قول الحق والمواجهة وإبداء الرأي، وبعدها فقط سوف تنطفئ النار التي كادت أن تودي بك، كن أنانيا بعض الشيء  بالشكل الكافي الذي يجعلك تشعر بالرضا، ولا تسعى لتلبية كل طلب وحمل كل ثقل لربما كان هو الذي قدر له أن يقصم ظهرك.

وانتصح بما قال الإمام الشافعي:

ما كلف الله نفساً فوق طاقتها

ولا تجود يدٌ إلا بما تجد

فلا تعد عده إلا وفيت بها

واحذر خلاف مقالٍ للذي تعد

تعليق عبر الفيس بوك