أوقفوا الرش الجوي للنخيل

 

 

مسعود الحمداني

Samawat2004@live.com

 

"دوباس النخيل"، وما أدراك ما "دوباس النخيل"، ويطلق عليه مُسمى "المتق" كذلك، إنه المرض الأكثر فتكا بالنخيل، والأكثر انتشارا في فصل الشتاء؛ حيث يُؤثر هذا المرض على النخلة وثمرها، ويشكّل خنجرا مسموما في خاصرة المزارعين، لا يمكن التخلص منه بغير الرش الجوي المتكرر، وهو الأسلوب المتبع في الجهة المسؤولة، والذي هو ـ أي الرش ـ في حد ذاته مشكلة أخرى، حيث يتم رش مناطق شاسعة من المزارع ـ بواسطة الطائرات ـ بالمبيدات الزراعية ذات السمية العالية، والتي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على صحة وسلامة الإنسان والحيوان والبيئة على حد سواء، أي أنك لكي تقضي على حشرة الدوباس عليك أن تضحي بشكل جزئي بصحة العنصر الأهم وهو الإنسان!

ولكي يُدرك القارئ الكريم حجم الخطر الذي تشكله المكافحة الجوية على صحة الإنسان والحيوان، فإن وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه تطلب من المزارعين وسكان المناطق التي يتم رشها اتخاذ مجموعة من الاحتياطات التي تحافظ على سلامتهم ومنها: إبعاد جميع الحيوانات والدواجن وأعلافها عن أماكن الرش لخطورة المبيد عليها ولمدة يومين على الأقل، وإبعاد وتغطية علف الحيوانات الجاهز خوفاً من تلوثه بالمبيد، وتجنب جني الثمار أو جز العلف الحيواني الأخضر أو أي محاصيل أخرى تعرضت للرش لمدة لا تقل عن أسبوع من تاريخ الرش، وكذلك إبعاد خلايا النحل لمسافة خمسة عشر كيلومترا على الأقل لضمان سلامتها وعدم إعادتها إلى الموقع إلا بعد مضي سبعة أيام، كما يجب إبعاد السيارات عن مواقع الرش تجنباً لحدوث أي تأثير عليها جراء تساقط المبيد، وتؤكد على ضرورة غسل الأوعية والملابس أو أية أغراض أخرى بالماء والصابون في حال تعرضها للمبيد، كما تطالب السكان بالابتعاد عن مواقع الرش لتفادي وصول المبيد للعين، أو الجلد، والملابس، وعدم استنشاق ضباب وبخار المبيد أثناء الرش الجوي، ومنع الأطفال من الخروج من المنازل أو الوقوف على الأسطح أثناء الرش، كما توجه الوزارة بأنه في حالة حدوث تسمم بالمبيد يجب إخراج الشخص المصاب من منطقة الرش وتبديل ملابسه وتدفئته وإخطار الجهات الصحية حالاً.

والواقع أنَّ مساحة الرش واسعة وغير متحكم فيها، فهي تأتي على النخيل وبقية الأشجار وتمتد إلى الآبار والأفلاج والحيوانات والأرض نفسها، كما أن استئجار الطائرات في حد ذاته مكلف للغاية، ناهيك عن أن ذلك لا يعني القضاء نهائياً على حشرة الدوباس، حيث تعاود الحشرة التكاثر مرة أخرى، وهذا يستوجب تكرار عملية الرش على فترات متباعدة أو متقاربة، إضافة إلى الجهد البشري والمالي والمخاطر التي ذكرتها، مما يوجب إعادة النظر في هذه العملية الخطيرة على حياة وصحة الإنسان والحيوان، فلا يعني أنه لكي تحافظ على مجموعة من النخيل أن تضحي بالعناصر الأهم، لذا فإن على وزارة الثروة الزراعية والسميكة أن تبحث عن بدائل وتقنيات أكثر فاعلية وأقل خطرا على الصحة العامة للقضاء على هذه الآفة الزراعية المتجذرة، ولعل الرش اليدوي أحد البدائل التي يمكن اعتمادها رغم بعض الملاحظات، ولكنه بالتأكيد أكثر تحديدا وتركيزا، كما أن هناك أسلوب حديث نسبيا وهو أسلوب "حقن جذوع النخيل" بمبيد "الأكتارا" بتركيز بسيط، وهي عملية حققت نسبة نجاح عالية وصلت في بعض الدول إلى 100%، إلى جانب تفادي المشاكل التقليدية الناتجة عن عملية الرش المكلفة، وأعتقد أن لدى الخبراء في الوزارة العديد من البدائل للقضاء على هذه الآفة أو علاجها، بدائل تحافظ على كل العناصر من: إنسان وحيوان ونخيل ومزروعات وبيئة، دون التضحية بأي عنصر على حساب العناصر الأخرى، ضمن مبدأ لا ضرر ولا ضرار.