مَنْ غير هيثم؟

 

د. خالد بن حمد الغيلاني

Khalid.algailni@gmail.com

@khaledalgailani

 

عامان انقضيا منذ تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم في وطننا الغالي، معلناً بداية نهضة عمانية متجددة، مواصلا مسيرة البناء والتعمير التي بدأها السلطان قابوس بن سعيد- طيّب الله ثراه- الذي توسم في مولانا السلطان هيثم بن طارق القدرة والعزيمة والمضي في السير بهذا الوطن الغالي نحو آفاق المستقبل، ومجد تليد مؤزر، وإنجازات عظيمة تمثل حاضراً يُحكى، ومستقبلا يسطّر.

ورغم الظروف الاقتصادية العالمية، والأزمة المالية الشديدة، وجائحة كورونا التي عصفت بالعالم كله، رغم ذلك وغيره انبرى مولانا السلطان لها، مشمرًا عن سواعد مجد تليد، وماضيًا في سبيل وطن عظيم الشأن، ثابت الأركان، رفيع البنيان، تُعضّد جلالته عزائم شعبه، وهِمم أبناء عمان، الذين ما انفكوا درعا للوطن، حماة للمكتسبات، على العهد والوعد، وعند الموعد.

فأحكم جلالته خطة وطنية تسير في العديد من الاتجاهات، وتعالج العديد من القضايا، وتحل الكثير من الملفات، فكان التوظيف أول القضايا التي لا بد من حلها، واستيعاب الباحثين عن العمل بالقدر الذي يبعث الأمل في نفوسهم، فجاءت الوظائف للتخفيف من مُعاناة الكثير من الذين استفادوا منها، والعمل ماضٍ في هذا الملف بوتيرة مُتسارعة واضحة الجهد والإنجاز، ثم عولجت العديد من القضايا الأخرى المتعلقة بدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتخفيض الرسوم، ومعالجة ارتفاع أسعار النفط، ودعم الماء والكهرباء، وغيرها من القضايا التي تهم المجتمع، وتعني أبنائه، وتمس معيشتهم.

ومع هذه القضايا لم يغب عن فكر مولانا السلطان، مشاريع التنمية والبناء، وفتح الباب على مصراعيه للاستثمار والمستثمرين، وتسهيل الإجراءات وتبسيطها أمام الجميع، وتوفير البنية التحتية المناسبة للاستثمار، وتعزيز وتنويع الاقتصاد الوطني، والبدء في تنفيذ متطلبات رؤية "عمان 2040" بخطى المتمكن من عمله، الواثق بقدرته، المتمرس في زعزعة كل القضايا، وحلحلة كل التحديات، وتجاوز كل الصعاب.

وبدأت ثمار الخير تتوالى مع انخفاض الدَين العام، وارتفاع مستوى الدخل وتقارب الإيرادات مع المصروفات، ولو شئنا الحديث بلغة الأرقام؛ ففي عام 2021 تم سداد أكثر من 1.4 مليار ريال من القروض، والتوقيع على 20 استثمارا جديدا عالميا في عدد من القطاعات المتنوعة، وافتتاح 13 مشروعا وطنيا في العديد من القطاعات الإنتاجية والخدمية، و4711 مساهما جديدا في بورصة مسقط، و37 مليار متر مكعب يمثل الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي، وإنجاز143 مشروعا للصيانة في الحوض الجاف بالدقم، وغير ذلك من المشاريع الوطنية التي لا يتسع المجال لذكرها.

ومما يدعونا للفخر والاعتزاز لقاءات مولانا حفظه الله تعالى ورعاه بمشايخ محافظات الداخلية والوسطى وجنوب وشمال الشرقية، وكذلك لقائه بمشايخ محافظة ظفار في وقت سابق وما يأتي من لقاءات؛ هذه اللقاءات التي أكدت على العديد من الجوانب في مسيرة المستقبل العماني، ووضّحت ملامح مرحلة قادمة مشرقة لعُمان وأبنائها الكرام، وبعثت العديد من الرسائل الوطنية المهة؛ ومن ذلك أذكر:

  • يحرص مولانا على نسيج المجتمع العماني ويعزز دور المشايخ، ويضع على عاتقهم العديد من المسؤوليات الوطنية للقيام بدورهم الوطني المنشود.
  • تربية الأبناء وغرس القيم العمانية الأصيلة فيهم، وتعويدهم على العادات العمانية، والحد من تأثيرات وسائل التقانة الحديثة عليهم؛ رسالة بالغة الأهمية لكل أسرة، ولكل من يعنيه أمر التربية والتعليم، وأمر سلطاني نافذ بالاهتمام بتربية الأبناء، لأنَّ مولانا يريد جيلًا عمانيًا أصيلًا متعلمًا واعيًا يدرك كل أمر، ويعلم دوره الوطني فينهض بما عليه من واجب، وهذا أساس تقدم المجتمع، وضمان استقراره، وسبيل رقيه.
  • الحكومة بكل موظفيها في خدمة الوطن والمواطن؛ وهذا يبيّن مكانة الوطن، وأهمية المواطن عند مولانا السلطان، وأن على الحكومة وضع خططها لتحقيق هذه الخدمة وبلوغ غاياتها.
  • تمكين المحافظات والمحافظين والعمل اللامركزي؛ هو عنوان مرحلة يُراد لها تفعيل دور المحافظين، واستغلال موارد وإمكانيات المحافظات، وتعزيز أدوار المجالس البلدية، وتطوير الخدمات، والمضي في الاستثمار بخطى أكثر سرعة مع ثبات واستدامة.
  • رعاية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛ لأن تسعة أعشار الرزق في التجارة، ولأن هذا النوع من الأنشطة سبيل لاقتصاد مستدام، ولأنه يفتح الباب لشباب عُمان على مصراعيه وهو باب رزق يجب طرقه والولوج من خلاله لمُستقبل مبني على اقتصاد حُر يُعززه مكانة وطن، وأمن وأمان، وموقع استراتيجي بالغ الأهمية.
  • أعلنها مولانا السلطان واضحة أنَّ الرياضة في طريقها لتصبح صناعة، وهذا يعني أن الرياضة ستكون رافدا للاقتصاد الوطني، ومنطلقاً نحو العالمية والمنافسة الحقيقية، وعلى كل الرياضيين وفي جميع المجالات إعادة صياغة الواقع، وتعديل وجهته نحو الصناعة التي أمر بها مولانا السلطان المعظم.
  • للولاة مكانة تاريخية ودور لا يمكن إغفاله، ولهم في مستقبل عُمان دور كبير، وعندما يؤكد مولانا السلطان على ذلك، فهذا يعني أن للولاة منزلة مقدّرة، ومكانة مرموقة عند سلطان البلاد، وأن عليهم واجب ومسؤولية، وأدوار وطنية غير تقليدية يجب عليهم الاستعداد لها والعمل من خلالها، مستفيدين من كل طاقة شبابية ومجتمعية ممكنة.
  • المرأة العمانية شقيقة الرجل، ومرتكز من مرتكزات التنمية، لها دورها الوطني، وعليها واجبها المجتمعي، والاهتمام بها وبأنشطتها وبرامجها وتوعيتها من خلال جمعيات المرأة العمانية أمر بالغ الأهمية، وعلى الجمعيات في كل ربوع الوطن، ومختلف ولاياته، العمل على ذلك، وتعزيز دور المرأة في المجتمع بما يُحقق تكامل المجتمع، وتعاون مختلف أفراده.
  • عُمان الهدف وعمان الغاية وعمان المبتغى وعمان المرتجى، وبنوها هم سبيل كل خير ورعايتهم والاهتمام بهم، والحد من التحديات التي تواجههم في محل النظر الأول عند مولانا السلطان، وعلى رأس اهتماماته، وأساس خطط وبرامج مؤسسات الدولة المختلفة.

عظيمةٌ عُمان بسلطانها، سامقةٌ عُمان برؤية جلالته، وعمله، ونظرته المستقبلية، وما زالت تتردد في مسامعي تلك الملحمة الوطنية، وذلك النشيد "ماضون" نعم ماضون خلفك يا مولانا السلطان، لا نحيد ولا نميل، كيف لا وأنتم من أنتم مكانة ومنزلة وخيرًا وفضلًا، ومن غير هيثم للثقال أمينًا، ومن غير هيثم للمعالي ساعيًا، ومن غير هيثم للمواطن راعيًا، من غير هيثم للمُنجزات بانيًا.

حفظ الله تعالى عُمان عزيزة أبية، وحفظ الله تعالى سلطانها المُفدى سلطانًا مهيبًا مطاعًا، مجددين العهد والولاء لجلالته.. حفظ الله أبناء وطني كرامًا أباة صِيدًا حُرًا ميامين.