بوصلة القطاع الخاص.. "هين نَوْنا"

 

حمود بن علي الطوقي

سأركز في مقالي اليوم وبشكل مُباشر على التحديات التي تواجه القطاع الخاص في المرحلة الحالية والتي تتطلب مُعالجة سريعة من قبل الحكومة والعمل على إعادة الروح لهذا القطاع الذي يعاني منذ عامين بسبب جائحة كورونا من جهة وقلة الأعمال بسبب النقص الكبير في وجود العمالة من جهة أخرى.

أجزم أنَّه آن الأوان لتضييق الفجوة لأية تحديات تواجه هذا القطاع والعمل على دفع عجلة هذا القطاع لكي ينتعش من جديد لكي يلعب دوره المنشود كشريك استراتيجي للحكومة، وكلنا نعلم الدور الذي يلعبه هذا القطاع في رفد عجلة التنمية. وحتى يقوم بدوره على أكمل وجه فلابُد أن تتم مساعدته من قبل الحكومة حتى لا يفقد البوصلة ويقول "هين نّوْنا".

كمتابع للتحديات التي تواجه القطاع الخاص وذلك من خلال النقاش مع المعنيين أرى أن هذه التحديات ستستمر. ولابد من فتح قنوات للحوار والاستماع إلى رؤى هذا القطاع وما هي التحديات الحقيقية التي تعيق تطوره وأجزم أن هذا القطاع يمكنه أن ينطلق بقوة إذا توفرت له المطالب التي ينشدها وهي في وجهة نظري واقعية منها:

* تبسيط وتسهيل الإجراءات الحكومية وهذا أحد أهم المطالب فمازال القطاع يُعاني من البيروقراطية وعليه فلابد من إزالة أية قيود تعيق نجاح وتطور هذا القطاع والعمل على دعم الأفكار والمشاريع التي تقدم من قبل هذا القطاع سواء كانت عملاقة أو كبيرة أو تلك التي تصنف كمشاريع صغيرة ومتوسطة بما فيها سرعة اتخاذ القرار الحكومي حيال هذه المشاريع.

* وضع معايير واضحة لاختيار القيادات التي تعمل في الحكومة وتعمل كحلقة وصل مع القطاع الخاص ويجب أن يكون هذا الاختيار منسجما من متطلبات رؤية "عُمان 2040" فإن التعقيدات عادة تكون بسبب سوء الاختيار فلهذا يجب أن نعمل على مبدأ وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ومحاسبة المقصرين وأجزم أن القرار بتطبيق الحكومة بدأ من مطلع هذا العام منظومة الأداء الفردي والإجادة المؤسسية "إجادة" في 57 مؤسسة حكومية، وتشمل قرابة 175 ألف موظف حكومي ستساهم في جودة العمل لدى الموظفين وستقل المشاكل تدريجيا وصولا إلى رضا الأطراف ذات العلاقة.

* الإسراع في فتح السوق وتنظيمه عبر استقطاب جنسيات أخرى قادرة على المساهمة في دفع عجلة التنمية. فالبلد محتاج إلى دخول المئات من الجنسيات وتسهيل دخولهم بدون وضع القيود، فالقطاع الخاص لديه الحرية في اختيار من يراه مناسبا للعمل في مؤسسته وشركته. وهناك مطالب بفتح الأبواب والسماح للقطاع الخاص باستقدام عمالة أجنبية بحيث يكون عملها حقيقيا وليس تجارة مستترة، ويجب تنظيم هذا الجانب بوجود شراكة حقيقية في حالة رغبة المواطن بوجود شراكة مع الوافد في إدارة مشروعه التجاري نحتاج في هذا الصدد إلى معالجة سريعة لتشوهات سوق العمل وفتح المجال لعودة الحياة من جديد فبخروج نحو 350 ألف وافد حدث خلل لهذا القطاع وتقصلت القوى الشرائية وأصبحت الكثير من المحلات التجارية مغلقة وكذلك الكثير من المساكن والبنايات السكنية خاوية على عروشها، فلهذا يتطلب السماح للقطاع الخاص بأن يختار الجنسية التي يحتاجها. كما يتطلب السماح أيضا للوافدين بإلحاق أسرهم للعيش في السلطنة وذلك بوضع شروط ميسرة وليس شروطا معقدة.

* جذب الاستثمارات الحقيقية ذات القيمة السوقية المضافة للاقتصاد وذلك بتشجيع القطاع الخاص القادر على هذه المهام بتلبية مطالبه من خلال الدعم والتشجيع وتوفير كافة السبل الكفيلة لكي يحقق النجاح المنشود.

* الاستثمار في الموارد البشرية العمانية وذلك بتوفير التدريب المناسب خاصة في المهن التي يحتاجها سوق العمل، ولهذا أتمنى من الحكومة أن لا تتوقف في ابتعاث أبنائنا للدراسات العليا بل يجب أن ترفع نسب البعثات فيجب أن تكون القناعة لدى الحكومة أن التعليم العالي أساس النجاح وأن القطاع الخاص قادر على استقطاب الكوادر المؤهلة خاصة في التخصصات التقنية والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والأمن السيبراني.

* هناك مطلب آخر وهو ضروري في المرحلة القادمة وهو تكاملية الحكومة والتعاون مع القطاع الخاص وذلك بالاستماع إلى مطالب هذا القطاع والعمل على مراجعة القوانين وكذلك التخفيض بل إسقاط الرسوم والضرائب التي تفرض على هذا القطاع وتعيق تطوره وأن يكون فرض هذه الرسوم تدريجيا على مدار الخطة الخمسية العاشرة بحيث تكون منسجمة مع دخل المواطن.

* تشجيعكم للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تدار من قبل أبنائنا من رواد ورائدات الأعمال وإعفاء هذه المؤسسات خلال هذه المرحلة ولمدة خمس سنوات على الأقل من أية رسوم أو ضرائب شريطة أن تعمل وفق خطة مدروسة تشرف عليها هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

ولتحقيق هذه المطالب فلابد أن تكون لدى الحكومة قناعة بأن تشارك القطاع الخاص في أن يكونا معا معولا للبناء.

نتفاءل بالمرحلة القادمة ونجزم أن الحكومة مقتنعة بهذه المطالب وحتما ستعمل على تلبيتها من أجل تحقيق الشراكة التي ينشدها الجميع، ونعرف دربنا "هين نونا".