فلتقل خيرًا أو لتصمت!

فاطمة هبيس الكثيرية

مما لا يخفى على الناظر في سلوكيات الناس في السنوات الأخيرة استباحة الخوض في أعراض الآخرين وتشويه صورتهم؛  وذلك قد يكون بسبب قلة أو انعدام الوازع الديني، أو الجهل بخطورة الأمر أو اللامبالاة، وهذه الأحاديث لم يخل منها تجمع أو وسيلة تواصل اجتماعي، وللأسف أصبح الأمر عاديًا وكأنه حديث ترفيهي.

ومكمن القلق هو عدم الوعي بالآثار المترتبة على مثل هذا اللغط والتجاهل لآيات الله والأحاديث النبوية الناهية عن ذلك، ومنها قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين). وهنا النهي صريح عن تصديق هؤلاء الذي نعتهم الله بالفسق؛ وذلك لأن من مقاصد الشريعة حفظ النفس والمال والعرض،ومثل هذه الأشياء فيها ضياع لكل هؤلاء.

والفاسق هو الخارج عن أمر الله وطريق الحق والمخل بجميع أحكام الله عز وجل، وهو دنئ الطباع عديم الضمير فهو يفعل ذلك لأغراض خبيثة في نفسه المشوهة  منها الغل والحسد.

 وهو يظلم أخيه المسلم ويهتك ستره ويقذفه في عرضه، يقول الله تعالى: (الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون).

والفاسق مردود الشهادة وهو يهمز النَّاس ويعيبهم بالقول والإشارة في حضورهم أو غيبتهم، ومثل هذا يظلم نفسه قبل أن يظلم الآخرين ومعرض لسخط الله وعقابه، قال تعالى: (يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار)، وهو محروم من الشفاعة قال تعالى: (ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع).

وهو معرض للعقاب والبلاء بسبب دعوة المظلوم، فعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب).

من خلال كل هذه الأدلة يتضح أن الفاسق يظلم نفسه قبل غيره، وعليه أن يدرك أنه لن ينجو من عقاب الله في الدنيا قبل الآخرة، عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ستر عورة أخيه المسلم  ستر الله عورته يوم القيامة ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته).

والظالم يستحق العقاب من الله لأنه تسبب في الشعور بالظلم والقهر لأخيه المسلم، وسبب الفتنة التي هي أشد من القتل، ولقد أبدى القرآن الكريم اهتماما كبيرا بالفتنة فتوعد الفتان بالعذاب الشديد، قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ).

من هنا ندرك أن الموضوع خطير وعواقبه وخيمة وخاصة على الظالم نفسه، وأيضًا من يستمع لهذه الأقاويل المحرمة شرعا ويقوم بنقلها مما يؤدي إلى نشر الإشاعات والظلم والفسق في المجتمع، ويصبح شريكًا في إيقاع الظلم.

ولذلك عليك أخي الفاضل أن تنجو بنفسك قبل الهلاك ولا تكون طرفا في الظلم، ونصيحة أخيك العاصي بينك وبينه دون تشهير وأن لا تفضحه بين الخلائق، وأن تقول خيرا أو لتصمت عملا بقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت).

وعلينا أن نتحلى بأخلاقنا الإسلامية وأن يكون كلامنا خالصًا لوجه الله.

دمتم ودامت أوطاننا العربية والإسلامية متمسكة بفطرتها السليمة وأخلاقها الفاضلة التي منبعها القرآن والسنة.

تعليق عبر الفيس بوك