شرق وغرب (5)

 

د. خالد بن حمد الغيلاني

khalid.algailni@gmail.com

@khaledalgailani

تسارع للأحداث، وتعدد لها، وتوالي في معطيات مجتمعية كثيرة، تجعل الواحد منِّا حائرًا فيما يتناوله بالحديث، فكلها بالغة الأهمية، وكلها تنال اهتمام المُجتمع ومتابعته، أعود من جديد إلى "شرق وغرب" للحديث عن عدد من القضايا التي تسارعت أحداثها خلال الأيام القليلة الماضية.

ماذا بعد مخلد؟! ذلك الشاب الرياضي الذي سقط وهو يستعد لخوض غمار منافسة رياضية كثيراً ما تعّود عليها، واستقبلها ببشاشته المعهودة، وحماسه المعلوم، كان يصول ويجول في الملعب لبلوغ غاية في نفسه، وتحقيق أمنية في خاطره وخاطر زملائه، سقط دون أن يجد أبسط أدوات الإسعاف لمثل حالته، سقط ليوجه لنا جميعاً صفعة علها توقظنا من غفلة عن أهمية وضرورة كل أدوات السلامة، وتسويف بقبول اليسير منها معتذرين بعبارة (الأمور طيبة ومشي بأس)، ولم ندرك أن احتمال حدوث شيء ولو بنسبة ضئيلة جدًا يتطلب استعدادًا وعملًا، والسؤال الذي تردد كثيراً من المخطئ؟ والحقيقة كلنا مخطئون، وكلنا مقصرون، والواجب الآن ما هو العمل بعد مخلد؟ الذي انتقل إلى رب كريم، هل سنتخذ كل أسباب السلامة والنجاة؟ هل سنعمل بأقصى درجات حفظ الأرواح؟ هل سينال هذا الأمر اهتمام الجميع وعلى كل المستويات؟ أم هي فورة غضب وقتية، تذهب كما ذهب مخلد، أيها الرياضيون والمسؤولون والمعنيون والمهتمون والمتابعون إن عليكم لِمخلد دين واجب القضاء، ومسؤولية لازمة، ووصية نافذة، اعملوا جميعًا ألا يسقط مخلد جديد ولا يجد من يسعفه.

إعلام الحقيقة.. رسالة الإعلام في أيِّ مجتمع من المجتمعات تمثل رسالة قوية من حيث التأثير وتوجيه الرأي العام، وهي ضرورة لابُد منها، لذلك اعتبرها الكثير السلطة الرابعة، لدورها في خدمة قضايا المجتمع، وتحديد مسارات هذه القضايا، نحو بلوغ الأهداف، والوقوف عند مواطن القوة لتعزيزها، ومواطن الضعف للحد منها والقضاء عليها.

نحن اليوم لسنا بحاجة إلى إعلام يمجّد المسؤول ويضعه في موضع الرجل الخارق، ولسنا بحاجة إلى إعلام هو بمثابة علاقات عامة، ولسنا بحاجة إلى إعلام التهويل، ووصف الأمر على غير حقيقته. نحن اليوم في بلد حر مساحة التعبير عن الآراء فيه متاحة، وقيادته حريصة على إعطاء المساحة الكافية للتعبير عن الرأي وإبداء وجهات النَّظر؛ لذلك يجب أن يكون الإعلام حقيقيًا واقعيًا، يضع يده على المشكلة؛ تشخيصًا وتمحيصًا وبحثًا وحلولًا، إعلام يضع الوطن أمامه فيضرب على يد الفساد والفاسدين، إعلام يستحق الفخر والإشادة، إعلام منطقي منهجي بعيد عن الشخصنة والمهاترات، ولدينا في النظام الأساسي والقوانين النافذة متسع لذلك.

كثرة البيانات.. ظاهرة بدأت تنتشر، وتزداد، وتصل في بعض الأحيان إلى مستوى التراشق بين المؤسسات، وحقيقة الأمر أنَّ البيانات لها دور واضح محدد في قضايا واضحة محددة تحتاج وتتطلب إظهار حقيقة مُعينة تجاه أمر مهم وضروري. أما بيان يرد على بيان، وبيان يُجيب بيانًا، فهذا يخرج بهذا النوع من الوسائل عن مساره الصحيح؛ لذلك نحن اليوم بحاجة ماسة لتفعيل أدوار المتحدثين الرسميين لمختلف المؤسسات، بالشكل الذي يظهر الأحداث ويجيب على التساؤلات في إطارها المطلوب بعيدًا عن التأويل والتفسير المغلوط وكثرة الإشاعات والبناء عليها.

طلب المناقشة.. يُمثّل إحدى الأدوات التي مكّن قانون مجلس عمان أعضاء مجلس الشورى منها، وقد تابعت أمس من خلال موقع مجلس الشورى جلسة المناقشة التي حضرها وزير النقل والاتصالات وتقنية المعلومات بطلب من عدد من الأعضاء، ولقد سعدتُ كثيرًا بحضور الوزير للمناقشة، في تفعيل حقيقي لهذه الأداة المهمة ولأول مرة؛ لذلك أتمنى ممن يعنيه الأمر في مجلس الشورى أن تكون هذه الإداة فاعلة بالشكل المطلوب والذي يحقق أهدافها، والتركيز على أسباب المناقشة ومحددات طلبها، وتحديد عدد المناقشين من الأعضاء واقتصاره على الطالبين لهذا النقاش، وألا يتحول إلى بيان وزاري؛ فلكل منهما دور محدد. وعسى أن نرى تفعيل كل الأدوات التي كفلها القانون وصولًا إلى نهضة عُمانية متجددة في كل المجالات وعند كل المؤسسات.

محافظ جنوب الشرقية.. عادةً لا أحب الكتابة عن أمر خاص لمحافظة بعينها، ولكن في اعتقادي أنه أمر يستحق الكتابة عنه، والوقوف أمامه. فقبل فترة وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، ذكر بعض من شباب ولاية صور مقترحات يرونها مهمة في تطوير منطقة "خور البطح"، وكغيري اعتبرته حديثًا "توتيريًا" (نسبة إلى موقع تويتر) لن يلفت انتباه أحد، ولكنه لفت انتباه محافظ جنوب الشرقية؛ بل واهتمامه ومتابعته، وبالأمس كان لقاءً رائعًا بامتياز، فعلى ضفاف خور البطح وعند جسره المعلق، ومن موقع التطوير المرتجى تسلّم المحافظ مقترحات الشباب، في حرص منه ورغبة صادقة وسعي محمود، وبهذا نتطور، ونصل لما نصبوا إليه، وبهذا يندفع الشباب لإبداء رأيهم وإسداء مقترحاتهم فهناك قلوب تعي، وعقول تستوعب، وأذان تسمع.