لا تيأس

 

حمدان بن سعيد العلوي

مدرب في الإعلام والعلاقات العامة

 

جميعنا نمر بظروف مختلفة يصيبنا اليأس والإحباط تتقلب مواجعنا، نفقد الأمل وينتابنا الحزن والأسى، ونقول لا تيأس على مرارة الحياة وقسوتها، ولا تغلق أبواب الأمل في وجهك لأي ظرف يحدث معك فهو ليس نهاية المطاف فلازال هناك أمل وأبحث عن كل جميل في حياتك وابتسم، فالحياة تجارب ومهما كانت هذه التجارب صعبة إلا أنها وجدت لهدف وعليك تقبل كل الظروف فما أخذ منك الله إلا ليعوضك بشيء آخر أحسن منه، الحياة قصيرة وعليك استغلال كل ما هو جميل.

وكما قال الإمام علي- كرم الله وجهه- "دع الأيّام تفعل ما تشاء وطب نفساً إذا حكم القضاء، ولا تجزع لحادثة الليالي فما لحوادث الدّنيا بقاء، وكن رجلاً على الأهوال جلداً وشيمتك السّماحة والوفاء".

نفقد أغلى الناس في حياتنا وليس بأيدينا ما نفعله فحكم الله وقضاؤه وقدره لا يمكن تغييره فالرضا بأمر الله من الإيمان، وقد أنعم سبحانه وتعالى علينا بنعمة النسيان ولو لا هذه النعمة لما تمكنا من إكمال مسيرتنا في الحياة.

أب فقد ابنه أو ابنته أو زوجته وقد يفقدهم جميعاً في لحظة واحدة وكل ذلك لحكمة لا نعلمها وهو اختبار لقوة إيماننا وثقتنا بالله، فلا تيأس وكن على أمل وثق بأنَّ الله ما أخذ منك إلا ليعطيك.

قد يرزقك الله بطفل معاق وهذا أمر الله ولا تحزن فالله سبحانه وتعالى أراد لك الأجر مضاعفاً وعليك بشكر الله على ذلك فلا تأخذ الأمور وكأنها عقوبة كما يعتقد البعض.

أعرفُ شخصًا رزقه الله بعدد من الأبناء وجميعهم من ذوي الإعاقة، تحدث الناس عنه بأنها عقوبة من الله، ولو علم الإنسان كيف هي رحمة الله التي وسعت كل شيء لما ظن بالله إلا خيرا، فلا نوزع الأحكام على هوانا فالله وحده يعلم ما لا نعلم فلا تيأس.

في المدرسة يعلّمونك الدرس ثم يختبرونك، أما الحياة فتختبرك ثم تعلّمك الدرس.

حينما يدق منبه الساعة نستاء وقد نفقد أعصابنا رغم أننا نحن من قام بضبط ذلك المنبه ليوقظنا للصلاة أو الذهاب إلى العمل وبالرغم من إيجابيته إلا أننا نستاء من صوته، هكذا بعض الأشخاص نغضب منهم حينما يقومون بتنبيهنا وإرشادنا للطريق الصحيح إلا أننا لا نعي أهمية هؤلاء الأشخاص إلا بعد فقدانهم.

ولولا التحديات لما تعلمت، لولا الألم لما سعدت، لولا المرض لما شفيت، لولا الفقر لما شعرت بقيمة النعمة، لولا الفشل لما نجحت، فلا تيأس وتعلم من أخطائك وصحح مسارك وكن إيجابيا فاعلا لك بصمة في كل نجاح.

لا تضع كل أحلامك في شخص واحد ولا تجعل أملك في وجه شخص تحبه مهما كان قريباً ولا تعتقد أن نهاية كل شيء جميل هي نهاية العالم فالكون ليس كما تراه أنت.

كن مختلفا في التفكير وأعلم أن الصعب بعده راحة وإن السهل لا يدوم والأبواب أقفالها مختلفة، كل باب يؤدي إلى طريق مختلف، وإن وجدت الباب مفتوحًا لا تدخل قبل أن تطرقه فقد لا يسمح لك بالدخول وعليك احترام خصوصيات الآخرين لتحصل على احترامهم وتقديرهم.

اجعل من كل حلم أمل جديد، لا تمنع الأحلام وتعتبرها مستحيلة فالحياة حلم يتحقق بالإصرار، لا تيأس من فشل فهو بداية النجاح، ولا تترك عزيزا بسبب زلة قد يكون أخطأ وعليك بالنصح والإرشاد لربما تعيده إلى المسار الصحيح من جديد.

السعادة ليست مالا تكسبه، محبة الناس أغلى من كل شيء ورضا الله هو ما نبحث عنه في رحلة الحياة. وحينما تترك الدنيا سينساك الجميع فاعمل على حفر اسمك في قلوب الجميع ليذكروا إحسانك ويدعون لك.

وتذكر أن أكبر عائق في الحياة هو الخوف من الفشل، فإن فشلت لا تيأس بل حاول مرارا وتكرارا وستصل للنجاح وتحقيق المراد، لا تيأس فمن أحب الله رأى كل شيئا جميلا.

وعندما تكون سعيدا أري فرحتك للجميع وإن حزنت فتوارى عن الأنظار لكي لا تحزن غيرك، انشر السعادة من حولك ولا تكن عبوسا كئيبا فالأحوال تتبدل فلا شيء يدوم على حاله والخلاصة "لا تيأس"!

تعليق عبر الفيس بوك