ناصر بن سلطان العموري
ذكر تقرير بريطاني سابق أن دول الخليج تدرس تغيير الإجازة الأسبوعية من يومي الجمعة والسبت، إلى السبت والأحد، على أن تصبح أيام العمل من الإثنين إلى الجمعة، وأشار تقرير صحيفة "تايمز" البريطانية إلى أنَّ دول الخليج شرعت في العديد من الإصلاحات في عدة مجالات، مضيفة أنها تدرس حاليًا جعل أسبوع العمل من الإثنين إلى الجمعة بما يتماشى مع الاقتصاد العالمي.
وبدأت بعض دول الخليج بتطبيقه في الأول من يناير من العام المقبل 2022 بالفعل، واعتماد الإجازة الأسبوعية يومين ونصف اليوم ابتداءً من منتصف نهار يوم الجمعة إلى نهاية يوم الأحد تغيرت الإجازة الأسبوعية بعدما كانت لسنوات يومي الجمعة والسبت والسبب واضح للعيان فالقوى الاقتصادية الكبرى التي تتعطّل يومي السبت والأحد، فيما العطلة الحالية لدينا هي الجمعة والسبت وهو الأمر الذي تتأثر به الأسواق بشكل سلبي نتيجة التعطيل في أيام عمل الدول التي لها مصالح معها.
واختلف الوضع في إمارة الشارقة حينما أصدر حاكم الشارقة قرارًا شجاعاً بتحديد الإجازة ابتداءً من يوم الجمعة إلى نهاية يوم الأحد لتكون ثلاثة أيام بالتمام والكمال ليتفرغ المسلمون للاستعداد لأداء صلاة الجمعة وما يتبعها من روحانيات بصفته يوماً مباركاً لدى المسلمين أجمع دون استثناء... وحقيقة أراه قرارًا حكيماً جمع بين احترام يوم الجمعة بصفته يومًا مباركًا لدى المسلمين وبين المواءمة مع المجتمع الاقتصادي الخارجي فيما يتعلق بالتبادل التجاري في الأسواق العالمية.
جاء القرار هنا بجعل العطلة الأسبوعية 3 أيام والدوام 4 أيام نابعاً من البعد الاجتماعي لإمارة الشارقة التي تُعتبر صديقة للطفل وتراعي كبار السن، كما أإه سيوفر لقاءً أسريًا أكبر خلال الأسبوع ولمن لا يعلم أن الشارقة هي المدينة الأولى عربيًا التي تخوض هذه التجربة، التي خاضتها دول غربية عدة من قبل مثل إسبانيا وغيرها، ودلّت الدراسات المختصة في هذا المجال على زيادة الإنتاجية لدى الموظفين.
وفي السلطنة تعود فصول الحكاية إلى الأول من مايو من عام 2013، حينما أمر السُّلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- بتغيير العطلة الأسبوعية للعاملين في القطاعين الحكومي والخاص لتكون الجمعة والسبت بدلاً من الخميس الجمعة، ولنفس السبب الذي استدعى لدول الخليج تغيير إجازتها الأسبوعية تماشياً مع القطاع المصرفي والتجاري في كثير من دول العالم، فهل سوف نشهد مرة أخرى بعد سنوات تغيير الإجازة الأسبوعية في سلطنة عُمان كما هو متوقع ولنفس السبب السابق؟
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل تكبد اقتصادنا خسائر جسيمة حينما كانت الإجازة يومي الجمعة والسبت؟! لكي يعود ويتماشى مع الغرب بداعي التبادل التجاري والتأثير الاقتصادي، فلما لا يكون القرار يشمل فقط القطاعات التي تتعامل مع الخارج بشكل مُباشر مثل القطاعات المرتبطة بالقطاع المصرفي وما يرتبط بها في القطاعين الحكومي والخاص بدلًا من أن يعم جميع القطاعات حتى الخدمية منها؛ فهناك بعض القطاعات لا يشترط أن يكون لها ارتباط بالخارج إلا في حدود معينة يمكن تداركها في أيام العمل الأخرى من يوم الإثنين إلى الخميس، فما دخل المدارس والمستشفيات والقطاعات الحكومية بمثل هذا القرار؟!
علينا الاستفادة من التجارب السابقة التي طبقت لدينا حينما كان العمل ينتهي الساعة الرابعة عصراً فكيف ستكون إنتاجية الموظف بما فيه المدرس والدكتور وكيف عندها سيكون استيعاب الطالب المعرفي وتحصيله العلمي لا سيما يوم الجمعة؟ وانعكاس ذلك على الموظف حينما يستأذن مرتين لتناول وجبة الإفطار صباحًا والغداء ظهرًا بعدما كان يستأذن لمرة واحدة فقط.. تصوروا؟ كيف سيكون وضع العمل حينها مع ملء البطون وشرد الذهون وانتكاسة الجفون والخمول؟! هذا غير تأثير ذلك سلبيًا على العلاقات الاجتماعية والمناسبات العائلية من زيارات وصلة رحم؛ فالأغلب كان يتخذ من يوم الجمعة- لا سيما خلال الفترة المسائية- فرصة للقيام بتلك الزيارات.
من الضروري دراسة الوضع بعمق قبل تطبيقه ومعرفة السلبيات وتداركها قبل الإيجابيات، نعم نساير الوضع الحالي مجبرين، ولكن في المقابل لا يجب أن نواكب أي توجه يُفرض علينا، فلنا خصوصياتنا، ولنكن منطقيين فيما يتعلق بيوم الجمعة؛ فهو يوم خاص له قدسيته وشعائره الروحانية، وأتوقع أنه سيكون في حال تطبيق العمل به يوماً ضائعاً من حياة الموظف نظير العمل بنظام نصف يوم؛ كون أغلب الموظفين لدينا من المحافظات، وسيكون الموظف مشتتًا فلا يعرف هل سيذهب لصلاة الجمعة أم سيتجه للبلد أم سوف يعود لفراشه الوثير كونه لم يعتد العمل يوم الجمعة؟
الكل يترقب القرار لدينا، فهل تراه سينصف المواطن ويدخل عليه البهجة والسرور، بعدما تكالبت عليه ظروف الحياة الصعبة وأعبائها من ضرائب وغلاء معيشة وغيرها بتحديد الإجازة ابتداءً من يوم الجمعة ولثلاثة أيام يقابلها العمل لأربعة أيام؛ ليسعد المواطن ويدعو للحكومة بالخير الوفير والعزة والنصرة والتأييد، أم سوف نحاكي الجيران ونآزرهم ونقف بصفهم وتكون إجازاتنا مثلهم وهذا ما لا يتمناه الكثيرون؛ فالموظف ليس بآلة حتى يُبرمَج، فهو نفس بشرية لها مشاعرها وتحترم خصوصيته...
ننتظر ونترقب القرار وعسى أن يكون في صالح المواطن مما سوف يمثله ذلك من مردود إيجابي على الموظفين من حيث الراحة النفسية وانعكاسها على الإنتاجية في العمل.