مدرين المكتومية
لم تكُن نهضة بلادنا الحديثة والمتجددة، يومًا مجرَّد خطوات تسعى لتحقيق النمو والازدهار واستكمال بنيان البناء والتعمير فحسب؛ بل هي دائمًا وأبدًا استشرافٌ لما يحمله الغد من آمال وتطلعات، يأخذ فيها الإنسان العُماني موقعه، فاعلا ومتفاعلاً مع محيطه الوطني، يحلم ويتطلع، ويرسم آمالا ورؤى تجسَّدت على أرض واقعنا الحياتي اليوم، وترسِّخ أساساتها في المستقبل رؤية "عُمان 2040"، في شتى القطاعات والمجالات الحياتية والتنموية.
فالإنسان في الفلسفة العُمانية هو دائمًا الغاية والهدف، حقوقه محفوظة وكرامته مُصانة؛ بموجب النظام الأساسي للدولة وكافة التشريعات والقوانين المنفذة له، يعيش بأمان في كنف دولة المؤسسات والقانون، مشبعاً بالمبادئ الأساسية لترسيخ العدالة والمُواطنة، لتغطي حرياته وحقه في الحياة والتعليم والصحة والمســكن والعمـل، والأسـرة والعيش الكريم.
وأنا هنا لستُ بصدد رصد وتوثيق ملامح وإشراقات عَظمَة الفلسفة العُمانية وموضع الإنسان العُماني فيها، فهذه وحدها تحتاج مجلدَّات، بل ما يعنيني هو قصة حقوق الإنسان في عُمان على امتداد تاريخها الحديث، قصة بدأت بإرادة سامية مع إشراقة فجر السبعين، عنوانها إسعاد إنسان هذا الوطن والمضي بهذه البلاد إلى آفاق العز والمجد، ومرتكزها أن صانع هذا المجد هو الإنسان ذاته، ثم تتوالى تفاصيل الحكاية، لتصل اليوم آفاقًا رحبة بلا حدود، خلف سلطان الأمل والعمل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -أبقاه الله- فالمتتبع لنهجه يُدرك بشكل جلي أنَّ مسيرة نهضتنا المتجددة تمضي باتجاه صعودي مُبشر، أساسه المواطنة وتأصيل المعاني العميقة لحقوق إنسان اليوم والأجيال اللاحقة عليه.
فالنظام الأساسي للدولة والمُحدِّد لحقوق وواجبات المواطنين ويصونهم من أشكال التمييز، ويمنحهم حرية الرأي والتعبير، وحق المشاركة في القرارات السياسية للدولة، وحق الملكية الخاصة، والحق في الخصوصية الشخصية وحرية الدين والمساواة بين الجنسين، مضافاً إلى ذلك التشريعات والقوانين وجهود اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان، واللجان ذات الاختصاص تحت مظلة مجلس عُمان بجناحيه الدولة والشورى، ليجعل كل ذلك احتفاءنا اليوم بـ"اليوم العالمي لحقوق الإنسان" بمثابة استذكار لمبادئ حقوق الإنسان في الحياة والتعليم والصحة والمسكن والعمل، والأسرة والعيش الكريم، بمن في ذلك الطفل بوصفه زهرة المستقبل، والشباب والمرأة، وصولا لحقوق المتقاعدين وكبار السن وذوي الإعاقة، كانعكاسٍ لمُستويات تقدم بلادنا في هذا المجال.
وكل عام والإنسانية جميعًا تهنأ بحقها في حياة آدمية تُصان فيها الحقوق والكرامات.