سارة البريكية
مضت سنوات العمر ونحن في حالة ترقب وانتظار لأمل قادم يمسح دموع التعب والوقت والجهد وما بقي بالعمر مثل الذي ذهب ولا نزال في صفوف الانتظار يملؤنا الأسى والحزن والشجن ويطوف بنا في رحاب الوعود والأحلام المؤجلة وكيف لنا أن ننتظر أكثر فقد خارت القوى.. أيعقل أن تكون باحثاً عن العمل لأكثر من 12 عامًا؟!
من يرد إليك الوقت الذي تلاشى ومن يُعيد إليك طاقة الشباب التي قاربت على الانتهاء وبدت على وجهك ملامح الكبر وعلى أيامك تجاعيد السنين كيف لا وأنت تعد الأيام التي باتت تتشابه إلا من نجاحاتك المتكررة فأنت لم تقف لا تزال تقدم إنجازات متتالية ولازلت مشاركاً ويشار إليك بالبنان.
لكن رغم هذا وذاك، هل من مقدر لقدراتك وإنجازاتك وعطاءاتك الكثيرة؟ فأنت الأول في المحافل والأول في المشاركات الوطنية والأول في الظهور والعطاء، ولكنك متعب ومثقل بالأحزان وتحتاج ليد تربت على كتفك وتثني عليك وتقدرك وتهدي لك الورد الذي أفنيت عمرك في إعطائه لغيرك. أما آن الأوان الذي يقدم فيه الورد إليك والابتسامة تملأ الوجوه التي لطالما سعيت لإسعادها ولخلق جو من ألق الكلمة والحرف، فكفاك إهدارًا لنفسك ولعمرك ولا يوجد هناك أي تقدير لك. رحل من رحل ومات من مات وأنت لا تزال واقفاً مسجى على قارعة الطريق أمامك البحر وخلفك النيران وحولك الأشواك وكيف لك أن تعيش بقية أيامك والحياة غالية وأنت الذي كبرت تطلب باستحياء من والديك مساعدة مالية أو من إخوتك الذين هم أصغر منك حسنة، وما الذي ينقصك حتى لا يكون اسمك (موظف)؟!
لقد ملَّ الناس منك ومللت من نفسك ومللت من الأخذ بعين الاعتبار أنك "عاطل" عن العمل ليس بإرادتك وإنما بإرادة القدر، وليس ذنبك أو تقصيرا منك، فقد تكون شهادتك أعلى من غيرك ولكنه القدر الحظ الاختيار التيار الذي يسحبك نحو أيقونة من النهايات البائسة فلربما تموت ويقال: "العوض في الجنة".
إلى متى والأفكار تعشعش في رأسك الصغير وأنت الذي تتمنى أن تفعل وتفعل وتعمل وتعمل وتنجز وتنجز وتذهب وتسافر وتجوب العالم بعرق جبينك وليس حسنة من أحد آخر.
لقد طال الانتظار والرسالة لم يستلمها ساعي البريد إذ إنها سقطت من نافذة السيارة عندما كان والدي متوجها لمسقط وفتح بالغلط النافذة فطارت الأوراق وطار حظي معها وبقيت منذ ذلك الوقت على ما أنا عليه حاولت المضي قدماً كافحت ودرست ووصلت لمراتب عليا في الدراسة ولكن لازلت كما كنت قبل 12 عامًا بدون وظيفة؟! فهل من مُجيب وهل من سامع يسمع ما نكتب ويقرأ ما نقول؟!
مجموع الباحثين عن عمل في بلدي كبير وهم طاقة من طاقات هذا الوطن غير مستفاد من خدماتهم وما بإمكانهم أن يقدمونه لأنفسهم ولبلدهم، فما هو الحل برأيكم وما الطريقة التي من الممكن أن نوظف بها الباحثين عن عمل الأقدم؛ فالأحدث وماذا من الممكن العمل بهكذا قدرات وطاقات مركونة إلى جانب غير مستفاد منها.
إن الدموع تنهمر والحزن يغلف القلب والأيام ثقال؛ فالكرسي الذي كان من المؤمل أن تنال شرف الجلوس عليه لا يزال شاغرًا من كل شيء، إلا منك وحلمك البعيد الذي لم يتحقق لليوم، ربما لن يكتب له التحقق أبدًا وكتاباتك الكثيرة ستتطاير يومًا ولم تتمكن من ضمها في ديوان حتى القريب البعيد، البعيد الأقرب فهل من مجيب؟!