◄ العلاقات العمانية السعودية تشهد ذروة من التعاون الوثيق الساعي نحو التكامل
◄ الطريق البري المباشر بين عمان والسعودية يفتح أبواب الخير للشعبين الشقيقين
◄ نمو الاستثمارات المشتركة خير برهان على السعي المشترك نحو التكامل الاقتصادي
حاتم الطائي
تشهدُ العلاقاتُ العُمانية السعودية ذروة من التَّعاون الوثيق الساعي نحو التَّكامل، لا سيما في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية، فبعد الزيارة التاريخية التي قام بها حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة، ولقائه مع خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية، تلقت العلاقات الثنائية الراسخة دفعةً تُرجمت في الزيارات رفيعة المُستوى التي قام بها مسؤولون عُمانيون إلى المملكة، ومسؤولون سعوديون إلى السلطنة، وغدًا تُتوج هذه الزيارات بالزيارة التي سيقوم بها صاحب السُّمو الملكي الأمير مُحمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بالمملكة العربية السعودية.
ومع الوصول المُرتقب لضيف عُمان غدًا الإثنين، نستطيع أن نقرأ العديد من الرسائل والإشارات في هذه الزيارة المُهمة لكلا البلدين؛ إذ تتزامن مع اقتراب افتتاح الطريق البري المُباشر بين البلدين، والذي يُمثل أهمية حيوية ليس فقط على مستوى العلاقات التجارية الثنائية؛ بل يمتد الأمر لما هو أبعد من ذلك، فهذا الطريق بمثابة شريان بري مُباشر بين عُمان والسعودية، وسيُساعد في سهولة انتقال البضائع من الموانئ الاستراتيجية العُمانية إلى الأراضي السعودية، فمع افتتاح الطريق المُباشر، سيكون من اليسير انتقال البضائع من ميناء مثل الدقم، قادمة من شرق آسيا أو من أفريقيا، لتصل إلى موانئ جدة وجازان وينبع وضباء والملك عبدالله، وغيرها الكثير، أو حتى إلى الأسواق السعودية المحلية، فضلًا عن إمكانية إعادة التصدير إلى دول عدة تتشارك الحدود البرية أو المائية مع المملكة، مثل الأردن أو العراق أو الكويت أو البحرين أو مصر. إذن نحن أمام طريق بري مُباشر يربط جنوب شبه الجزيرة العربية مع شمالها، ما يُعزز الآمال بإحداث نقلة نوعية في حركة التجارة البينية.
أيضًا افتتاح الطريق من شأنه أن يُنعش التجارة في مُحافظة الظاهرة؛ حيث يقع منفذ الربع الخالي في ولاية عبري، الأمر الذي يستدعي التفكير بجديّة في إمكانية إنشاء منطقة تجارة حُرة بين البلدين في ولاية عبري؛ لتكون رافدًا اقتصاديًا لأبناء عبري وكل مواطن راغب في الاستثمار والتجارة في هذه المنطقة الحيوية. كما إنَّ الطريق سيُشجع المستثمرين السعوديين على ضخ المزيد من رؤوس الأموال في السلطنة، مع ضمانهم وصول المُنتجات بسرعة ومباشرة مقارنة بالوضع القائم؛ حيث لا طريقًا مباشرًا، مما يسبب زيادة في تكلفة النقل والشحن والجمارك.
زيارة سُّمو ولي العهد السعودي إلى عُمان، تتجلى أهميتها أيضًا في ظل التوقعات بأن يوقع البلدان اتفاقية لإنشاء مدينة اقتصادية باستثمارات عُمانية سعودية، وذلك في إطار الأفكار المطروحة بين الجانبين لتعزيز الاستثمارات المشتركة، خاصة بعد النجاحات التي حققتها "قمة نيوم" بين جلالة السُّلطان وخادم الحرمين الشريفين، وما أعقبها من توقيع مذكرات تفاهم وتعاون في العديد من المجالات، لا سيما الاقتصادية والاستثمارية منها، إلى جانب ما خرج به المُنتدى الاستثماري العُماني السعودي في نهاية أغسطس الماضي، من نتائج وتأكيدات على الفرص الاستثمارية الواعدة والشراكات المتنوعة بين قطاعي الأعمال العُماني والسعودي، بحسب ما صرَّح به الوزراء في كلا البلدين.
الواقع يُؤكد أنَّ عُمان والسعودية ماضيتان في طريقهما نحو التكامل الاقتصادي المنشود، في إطار من التَّعاون الوثيق والعلاقات الوطيدة الراسخة، وفي ظل الإرادة السياسية العليا في كلا البلدين، والنتائج المُرتقب تحقيقها ستخدم- بلا ريب- مصالح البلدين والشعبين الشقيقين.
الزيارة تتزامن كذلك مع الجهود المُتسارعة لإحلال السلام في اليمن الشقيق، في ظل حرص المملكة العربية السعودية على الدفع بالعملية السياسية هناك، ودعم ومُساندة جهود المبعوثين الأممي والأمريكي إلى اليمن، بما يُحقق الاستقرار والسلام في المنطقة. وهنا ثمَّة توافق واضح بين عُمان والسعودية في مسعاهما نحو إرساء السلام وتعزيز التنمية المُستدامة في المنطقة، إلى جانب مُواصلة الجهود الرامية إلى إعلاء قيم التَّعايش والتفاهم والوئام.
وختامًا.. إنَّ ما تشهده العلاقات العُمانية السعودية من تقدم وازدهار مدعومة بالرؤى الحكيمة والسديدة لقيادتي البلدين، لتؤكد أنَّ المستقبل الواعد ينتظر الشعبين الشقيقين، وأن المرحلة المقبلة من مسيرة العلاقات الوطيدة ستحقق المزيد من التَّقدم والنمو والازدهار.