تربية الذائقة الفنية

 

عائض الأحمد

نتجادل كثيرًا ونتحاور، ولكل منّا في نهاية الأمر "ذائقته" لن نجتمع ولن نتفق على قمة أوقاع للفن إطلاقًا، وإن حدثت فهو شيء خارق للعادة وقد يكون أيضًا فريد زمانه وفارس عصره وأوانه، وهم قلة نادرة يأتون في غفلة من الزمان دون أن يُقال لهم افعلوا هذا وتجنبوا ذاك.

اختلاف الأذواق في كل مشارب الحياة هو الطبيعة، ومحاولة حث الناس على شيء واحد لن تنجح فيه مهما بلغت سلطتك، ومهما كان نفوذك، فليس لك أن تربي الأذواق وتفرض سطوتك عليها لأنك تملك "سلطة هيئة" تنظم الفنون، ليست أكثر من مرجع يعودون إليه وقت الحاجة ولكنها ليست رقيباً يمنح ويرفض نوعاً من أنواع الفنون لها جمهورها سواء وافق ذائقتك أو لم يُوافقها.

هل يعتقد وصي الفن بأنَّ لديه أحقية الوصاية كاملة بمنح بركته لما يراه هو وحجب ما يرهق سمعه وبصره، وكأنه الكل في واحد، الغريب أنه بدأ كما يرى هؤلاء الآن كان يتنقل في الأوساط الشعبية التي يتبرأ منها الآن "الارستقراطي" الأستاذ الفخم، كيف له أن ينسى حارته وأهلها "الشعبيين"!

علينا أن نعلم أنَّ الفنون مفهوم متاح ومفتوح للجميع وليس من حق أحد حصره على فئة معينة تضع قاعدة، وبها يلتزم كل منتسبيه، بل وحتى مشاهديه ومحبيه.

حتى جعلوا منه طبقات تشبه حياتهم وسلمها الأحمق كما يشاؤون، فصنفوه "شعبي"، حتى أصبح بعض العامة يعتقد أنها "سبة" تتخذ من الدونية معناها، علمًا بأن الفنون مرتبطة بالأرض والناس منهم وإليهم، نشأتها في كواليسهم ورؤيتها في حضورهم دون عناء.

الفن يحكي قصتك ويعيش حياتك، يروي روايتك التي لم تستطع كتابتها، يقول بأنك من هنا تنتمي لهؤلاء تتنفسهم تعيش همومهم تحلق بأحلامهم عبر الكلمة واللحن، والمشهد وكأنك على قارعة طريقهم تقول لهم أنا معكم نبت غراسكم خلقت لكم.

أحاكي وقع معيشتكم وإيقاعات يومكم أفضل مشاهدتكم، واستمتع بمفرداتكم، أولم تروا حلقات تواصلنا عبر محيطكم البسيط المتزين بأرواحكم الجميلة الرشيقة التي تتقن الحب فغنت له كما يحلو لها، وانشدت نحن لم نبالغ في بساطتنا وإنما أنتم من جرد عفويتنا، ثم أدرتم لنا ظهوركم حينما غلبكم موج الشارع وشعبوية الفن في "أزقة" وحواري نشأتم فيها ثم كبرتم عليها فلم تعد تطيقكم.

نعم هناك بعض "الشواذ" مسرحيًا وهذا وارد بين فينة وأخرى ولكن سيظل"MJ Abdu" في خريف العمر ويجوز له ما لا يجوز لغيره "ولا إيه"؟!

شطحة جغرافية كانت من مستلزمات المكان سيسجلها التاريخ متسائلًا لماذا؟!

ختامًا.. الفن وليد البيئة ومرأتها.

***

ومضة: من حقك أن تقبل وترفض، ومن حق الآخرين كذلك!

يقول الأحمد: لم ينتهِ شيء.. هناك من بدأ من هنا.