عُمان وقطر نحو المجد

◄ زيارة جلالته إلى قطر تؤكد الأهمية الاستراتيجية للعلاقات الخليجية البينية

◄ عُمان وقطر حريصتان على تحقيق الاستقرار إقليميًا ودوليًا

◄ آفاق تعاون اقتصادي كبير ينتظر مستقبل الشراكة بين البلدين

حاتم الطائي

ما إن أُعلن عن الزيارة التي سيقوم بها حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم- حفظه الله ورعاه- إلى دولة قطر الشقيقة، ولقاء القمة المُرتقب بين جلالته وصاحب السُّمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، حتى انهالت علينا الاتصالات من الأشقاء في قطر تعبيرًا عن سرورهم بهذه الزيارة التي تُعد الأولى لجلالته إلى دولة قطر منذ تولي مقاليد الحُكم، وهذه الفرحة جاءت بالتَّوازي كذلك مع فرحة وطنية بتوجه جلالته إلى دوحة السلام والمحبة، فالعمانيون يحملون في قلوبهم مشاعر خاصة تجاه أشقائهم القطريين.

الزيارة تأتي في غمرة الاحتفالات بالعيد الوطني الحادي والخمسين المجيد، لتُؤكد أنَّ الإنجازات الداخلية والخارجية مُتواصلة على التَّوازي، وأن ملف العلاقات الخارجية يحظى بعناية سامية كبيرة، بذات القدر الذي تحظى به القضايا الداخلية من اهتمام ورعاية. غير أنَّ الحكمة السلطانية اقتضت ترتيب البيت من الداخل أولًا، وإدارة شؤون البلاد في ظل المُتغيرات العالمية التي أثرت علينا، وفي مُقدمتها جائحة فيروس كورونا "كوفيد-19"، والتي تسببت في تحولات هائلة حول العالم، انعكست على الواقع المحلي بلا شك. وتوازى مع ذلك حرص جلالته- أيده الله- على تنفيذ رؤيته السديدة وإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، فضلاً عن صدور نظام أساسي جديد، وحزمة من القوانين والتشريعات التي رسخت للنهضة المُتجددة التي يقودها جلالة السلطان المُفدى بحكمة واقتدار. وهذه الزيارة إلى دولة قطر، تُعد المحطة الخارجية الثانية لجلالة السُّلطان منذ تولي الحكم في يناير 2020؛ إذ كانت المحطة الخارجية الأولى، المملكة العربية السعودية الشقيقة، في يُوليو الماضي. ولا شك أنَّ اختيار دولة قطر لتكون ثاني الوجهات الخارجية، يُؤكد الحرص السامي على تعزيز علاقات الشراكة والتكامل مع مُحيطنا الخليجي، ويتماشى مع ثوابت السياسة الخارجية التي تضع التعاون مع دول الخليج في صدارة أولويات الدبلوماسية العمانية. ومن ثمَّ فإننا نرى هذه الزيارة واحدة من مُنجزات النهضة المُتجددة؛ لأنها تُعبر بجلاء عن توجهات السياسة الخارجية.

لقد عُرفت السياسة الخارجية للسلطنة بالحصافة، ومن ثمَّ فإنَّ زيارة الدولة التي سيقوم بها جلالة السُّلطان إلى قطر، تحمل الكثير من الدلالات، السياسية والاقتصادية؛ فعلى المستوى السياسي، من شأن هذه الزيارة أن تزيد من صلابة العلاقات الخليجية البينية، خاصة بعدما شهدته قبل سنوات من مُتغيرات أثرت بالسلب عليها، كما تُؤكد الزيارة أنَّ العلاقات بين عُمان وقطر تزداد رسوخًا في ظل الحرص المتبادل من قيادتي البلدين على تقوية أواصر التعاون وتعزيز عرى الشراكة. والمتتبع للسياسات الخارجية لكلا البلدين يجد توافقًا في وجهات النَّظر حول العديد من القضايا والملفات، لا سيما ما يتعلق بالشأن الخليجي والعربي، فضلاً عن عددٍ من القضايا الدولية، بهدف إحلال السلام والوئام في أنحاء العالم. فعُمان وقطر حريصتان على تحقيق الاستقرار إقليميًا ودوليًا، وتجلى ذلك في الكثير من المواقف والسياسات المُؤيدة للحلول الدبلوماسية، والسعي لبناء شراكات دولية قائمة على التَّعاون والمصالح المشتركة.

أما على المستوى الاقتصادي، فيُمكن القول إنَّ الشراكة الاقتصادية بين عُمان وقطر، مُقبلة على مزيدٍ من التَّعاون والمشروعات المشتركة؛ إذ لم تصل العلاقات الاقتصادية إلى مستوى الطموحات المأمولة من الجانبين، فما يزخر به البلدان من مقومات جديرة بأن تُعزز من العلاقات التجارية والاقتصادية. ولا شك أنَّ قطر مستثمر قوي وكبير في مختلف المجالات، وزيادة الاستثمارات القطرية في عُمان من شأنها أن تعود بالنفع على كلا الطرفين.

إنَّ الأنظار تتوجه إلى دوحة السلام، مُترقبة القمة العمانية القطرية، التي من المؤمل أن تفتح آفاقًا أوسع للتعاون بين البلدين الشقيقين، بما يُحقق الغايات المنشودة، ويدعم مسيرة النماء والتطور، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي والعالمي، وما ستتمخض عنه هذه الزيارة من نتائج ستُثمر لصالح شعبي البلدين الشقيقين وشعوب المنطقة بأسرها.