جسور الثقة

 

مدرين المكتومية

خلال أزمة كورونا خلال السنتين الماضيتين وما صاحبها من أزمات اقتصادية نتيجة لانخفاض أسعار النفط والإغلاقات، اضطرت الحكومة إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات الاحترازية؛ سواء كانت إجراءات مالية نعلمها جميعاً من حيث رفع الدعم عن الكهرباء أو فرض ضريبة القيمة المضافة أو غيرها من إجراءات اضطرت الحكومة إلى اتخاذها، لكننا نرى اليوم وبعد مضي سنتين أنَّ هذه الإجراءات كانت للصالح العام، وتمكن اقتصادنا الوطني من بدء مسار التعافي بشكل أسرع نتيجة لتضافر الجهود وتعاون المواطنين مع المؤسسات الحكومية.

يأتي ذلك ونحن نواجه مشكلة في الدين العام، لكن بفضل الله استطعنا أن نعبر النفق ونخرج من عنق الزجاجة إلى فضاء أوسع؛ حيث جاءت التصنيفات الدولية المالية لصالح الاقتصاد العماني، ويبلغ العجز المتوقع للميزانية العامة للدولة في عام 2021 حوالي 2.24 مليار ريال، في وقت وصل فيه العجز المالي الفعلي حتى نهاية سبتمبر الماضي إلى 1.03 مليار ريال. التوقعات تشير كذلك إلى أنه في ظل ارتفاع أسعار النفط والغاز في نهاية العام، فمن المتوقع أن لا يتجاوز العجز بالميزانية المليار ريال.

لذا، قليل من الصبر كان ضروريًا جدًا لأنَّ القيادة الحكيمة تعمل ليل نهار من أجل أن نصل إلى بر الأمان، ونحن الآن على مشارف بر الأمان الذي سيساهم في صناعة التغيير الذي ينشده كل عماني في معيشته.

إن أي مشروع صغير يحتاج في بدايته إلى الصبر والتريث، فما بالنا كمواطنين إن كان هذا المشروع هو مشروع وطن، حتى ينهض ونصل به إلى مصاف الدول المتقدمة، الأمر الذي يحتاج منِّا الصبر والتكيُف مع كل الظروف الراهنة لأجل تحقيق رؤية هذا المشروع الوطني الذي يعد الأكبر لكنه سيكون كما نريد ونتمنى بالتأكيد.

الحياة لا تهبنا كل ما نشتهي ولا تعطينا كل شيء في لحظتها ولكنها تعطينا الفرص وتمدنا بالقوة والصبر للوصول إلى ما نبتغيه، وبالتالي ما علينا إلا أن نبذل قصارى جهدنا في المساهمة ولو بالقليل من الصبر على كافة التوجيهات والإجراءات التي تتخذها الحكومة وسنجد أنفسنا ذات يوم قد حصلنا على كل ما نتمنى ونحلم، وستكون عُمان هي الحلم للجميع، وحتى يتسع الحلم ويتحقق على أرض الواقع علينا ألا نبقى مكتوفي الأيدي، ولا نتذمر، ولا نحزن على ما يحدث لنا، فكل ما نعيشه الآن سيكون بمثابة جسر العبور نحو ماهو  أفضل وأجمل وأكثر رحابة.

علينا كمجتمع أن نؤمن إيماناً تاماً بأننا الهدف الأسمى، وأننا الطموح الحقيقي للوطن، وعليه فالوطن عندما يتعافى ستتعافى معه كافة مجالات الحياة، لأن الوطن هو الأم والحاضنة لكل المكتسبات وللمواطن الذي لا ينشد في خطاباته إلا الحياة الكريمة والتي لم تغفل عنها القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه-.

علينا أن نتخلى عن الخطاب السلبي والتذمر الدائم حول أبسط الأشياء، ودعونا نقوم جميعاً بتحطيم كل الحواجز التي صنعناها لأنفسنا.. إننا كأي مجتمع طموح يريد أن يرى وطنه في العلا، ونحن كذلك ونحن الأفضل أيضاً بلحمتنا الوطنية وإنسانيتنا العظمية، وأيضا إيجابيتنا نحو كل الإجراءات التي اضطرت الحكومة للقيام بها.