عائض الأحمد
اتفهمُ وأعلمُ أنَّ الصحافة علمٌ وصناعة وصنعة، وأفهم أكثر عندما أقرأ نفس الخبر مرة واثنتين وثلاث في أكثر من صحيفة، لكن لا أفهم هذا الكاتب صاحب الرأي الذي يفترض أن يكون له رأي وتفرد له الصحيفة مكانا خاصا، قد يكون يوميا أو أسبوعيا أو شهريا، ثم يأتي لك بكل ما قرأ ويعيد نشره بين "قوسين" ويستشهد بقول فلان وعلان. وكتاب العجائب السبع قبل أن تصبح ثمان ويقول هذا رأيي.
أخي الكاتب صاحب الرأي أنا أقرأ وأبحث عن جديد، أنا أبحث عما تريد أن تضيفه لي ولهذه الصحيفة ولهذا المجتمع. هل تعتقد أنني لم أقرأ ما قاله السياسي وعالم الدين وأخصائي التغذية والأديب المتوفي في القرن الماضي؟!
لا تعتقد أني أنكر عليك الاستشهاد بآية من كتابه العزيز، أو حديث نبوي شريف فهذا لابأس به، ولكن أنا وغيري نبحث عن خارج الأقواس وما بينها قد عفا عليه الزمن. نريد أن نستأنس بالحاضر ولا بأس أن نعود في لحظة لدراسة أو إحصائية تدعم هذا القول أو ذاك ولكن أن تجعل من وقتي ووقتك قال فلان وورد في ذلك الزمان فأين الجديد. أقرأ ثم أقرأ ذاك المقال وكأنه رسالة (ماجستير أو دكتوراه) وسوف يتم مناقشته لمنح الدرجة العلمية لهذا الكاتب.
أتظن أن المتلقي سيكمل أول "سطرين" من كل هذا، أقول لك وأنا أعلم يقيناً بأنه يندب حظك وحظه الذي جعله يقرأ يومًا رأيا كهذا. هل تريد أن تصل للجميع وتؤثر فيهم، أم تكتب لنفسك وتستعرض ما قرأت؟ على طريقة مثقفي هذا الزمان؟
إن كان طرحك كاتبنا المميز سيستمر فلدي اقتراح لك أولاً ولكل الصحف بأن تعود إلى كل ما تم نشره سابقًا من كتب وروايات ومرويات وأشعار وأقوال حكماء ونشرها وبذلك توفر هذه المساحة، فأنت وأنا لم نقدم ما يستحق أن ينشر وبذلك تحتفظ بأقواسك وأنا احتفظ بسهام نقدي للأبد.
الفاصل في كل هذا هم القُرَّاء وليس ما تكتبه أنت، الفكرة لك والرسالة لهم فكيف ستقدمها. ألم تلاحظ بأن جلنا لم يعد يهتم بما لديك، أو لم تسمع أو ترى الهروب الجماعي مما أكتبه أنا وأنت، والاستئناس بما تنشره المواقع عبر العالم دون شهادة المتوفين في القرون الوسطى، ألم يحرك في قلمك شيء من هذا؟
ختامًا.. قل ما تريد وكما تشاء، عندما تحدث نفسك فقط.
******
ومضة:
العودة للماضي ليست جميلة دائماً، الحاضر قد يكون أجمل.
يقول الأحمد:
شعورك المتناقض هو حقيقة أفعالك.