عوامل نجاح.. ولكن!

 

 

خلفان الطوقي

 

مُلاحظ أنه منذ الربع الثاني من عام 2020 وعُمان ساعية لنهج جديد يسعى لتحقيق أهداف وطنية تضمن استدامة التنمية في السلطنة، لتعود عوائدها على الوطن والمُواطن، لكن هناك حلقة مفقودة وملحوظة، وهو أنه في أحيان كثيرة لم تتمكن الحكومة من توصيل الرسائل للمواطن وما وراء البرامج المنفذة أو المراد تنفيذها في القريب العاجل.

أذكر هنا عددًا من المبادرات والبرامج والعناصر التي يمكن أن تكون من عوامل النجاح لأجل إحداث نقلة نوعية من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، وأهمها:

  • ارتفاع سعر النفط والغاز: وإن كان ذلك شأن عالمي، ويعتمد على السوق العالمي في العرض والطلب على مصادر الطاقة، إلا أن ذلك انصب لصالح السلطنة، وحتماً إن استمرت موجة أسعار النفط في متوسط الثمانين دولارا أمريكيا للبرميل إلى نهاية العام، فذلك سيُعطي مؤشرات إيجابية في تعافي الاقتصاد، وتقليل عجز موازنة الدولة لهذا العام إلى نسب قليلة جداً مقبولة، وسينعكس ذلك إيجابا على باقي الأرقام والحسابات الختامية.
  • الجهاز العماني للاستثمار: تكوين كيان واحد يجمع في مظلته كافة الاستثمارات العمانية الداخلية والخارجية، ويضم في طياته كافة الشركات الحكومية سوف يحقق أهدافاً في غاية الأهمية في نواحٍ منها النضج الاستثماري والحوكمة وتجديد التشريعات وموقعنا في التصنيف الائتماني وموقفنا التفاوضي وخفض الكلف التشغيلية في كامل المنظومة.
  • برامج القيمة المحلية المضافة (ICV): وهو إعطاء الخدمات والمنتجات العمانية أولوية أولى في المناقصات الحكومية وشبه الحكومية، والذي بدوره سوف يشجع الجميع في الاستثمار داخل السلطنة في إحدى المناطق الصناعية العشر أو منطقة الدقم الصناعية الخاصة أو المناطق الحرة الثلاث أو في محيط واحة المعرفة المعنية بالتكنولوجيا ومن في حكمها.
  • توحيد الشق الاستثماري لصناديق التقاعد: ومن المتوقع أن يعلن عن هذه الخطوة الجوهرية في الربع الأول أو الثاني من عام 2023، فبعدما كانت حوالي 11 صندوقًا استثماريًا بعضها رابح أو مهدد بالخسارة أو خاسر، فإنَّ جميع الموارد المالية والخبرات البشرية ستتحول إلى كيان استثماري موحد مهني وربحي، يُحقق الكثير من الأهداف المنشودة للدولة والمتقاعدين. ويُقلل من الهدر والدعم الحكومي السنوي، ويعمل وفق أسس ومعايير السوق العالمي تحقق له الاستقلالية والاستدامة.
  • البرنامج الوطني للتوازن المالي: وإن كان هناك استياء من البعض تجاهه، معتبرين أن البرنامج ركز على الجانب المالي فقط دون الجانب الاقتصادي والاجتماعي، إلا أن محاسنه تتمثل في وقف الهدر المالي الضخم، وأنه أعاد هيكلة بعض المؤسسات المترهلة، وساهم في خطة إيقاف الصعود لمستويات أكثر خطورة للدين العام للدولة، وخطة تخفيض الدين العام من ما نسبته 81% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2020 إلى ما دون 60% في عام 2024، وما نسبته 47% في عام 2026، إلى جانب تنمية العوائد غير النفطية، وتقليل العجوزات المالية السنوية، وظهر ذلك جلياً في حسابات الربع الثالث من العام الجاري، فقط زادت الإيرادات المالية بنسبة 22.6%ـ مُقارنة بنفس الفترة من عام 2020، وانخفض العجز لنفس الفترة بنسبة 58%، وانخفاض عجز الحساب الجاري من 13% للربع الثالث من 2020 إلى نسبة 4% لنفس الفترة من عام 2021، فضلًا عن تعديل نظرة السلطنة من الوكالة العالمية للتصنيف الائتماني (S & P) من مستقرة إلى إيجابية، والوكالة العالمية موديز إلى مستقرة.
  • شبكة الحماية الاجتماعية: وهدفها حماية أكثر الفئات المجتمعية ضررًا من القوانين والتشريعات والسياسات المستحدثة التي قد تؤثر فيهم، وهدف شبكة الحماية تحديد هذه الفئة من أفراد ومؤسسات وفق معايير منضبطة وشفافة وتوجيه الأولوية لهم في الدعم المباشر وغير المباشر من الآن وقادم الأيام.

هذه أمثلة فقط من بعض البرامج والمبادرات الحكومية التي قد تنقل عمان لمستوى أفضل لو تم تطبيقها ميدانيًا بشكل نموذجي، وتنفيذها وفق خطط محددة ماليا ووقتيا وبحوكمة رصينة مهنية بعيدا عن الأمزجة الشخصية والاجتهادات الاتحادية، والأهم من ذلك في هذا الوقت الحساس توصيلها إعلاميًا وجماهيريًا لأهدافها ورسائلها الإيجابية لتحصل على المباركة والدعم المؤسسي والشعبي معًا.