لا علاقة لكَ بهذا الشعور!

 

وداد الإسطنبولي

تحوم الفكرة؛ فيستجيب لها القلم رغبةً في الاقتناص قبل النسيان. عندما يَتَفَوَّهُ بها القائل هل يقصد ثقافةً تدل على إيجابية ما ينوي عليه أم سلبية ما سَيُلِمُّ به فيسلم نفسه للرخاء غير المتبادل؟ العنوان يشد الانتباه، ويضعنا في تخيل رهيب ولكنه سؤال راود المخيلة، ولا أريد منه تكوين نظرية تقع على عاتقي غدًا؛ فجميع المشاعر تنبثق بتلقائية، وتجسد ذلك الشعور الداخلي العميق في معناه.

ما يشعر به الآخرون اتجاه مَن حولهم، وما يتلفظون به من مشاعر، وما يُحَمِّلُونَهُم من فضيلة ما يشعرون به دون أن يحمل الآخر أدنى مسؤولية اتجاههم أهو تفكير سليم أم عقيم؟  واستجابة الآخر لهذا الأمر، وربما موافقته بكل هدوء أأنانية منه؟!  أم أنه بالفعل ليس له علاقة بشعور الآخرين تجاهه.

عندما ندمن النظر إلى شيء نحبه، ونجده أصبح تفاصيلَ صغيرةً وبروازًا لحياتنا يأخذ جل المساحة، فنتحدث دون توقف بقلب يغمره الفرح، ونحكي كل الأشياء، ونشعر بالانتماء اتجاه الآخرين، وتفضح أعيننا وتغرف كلام أحاسيسنا.. قد يتبادل الآخرون هذا معنا وقد تختلف كمية العطاء وربما هناك من لا يشعر بشيء سوى إنه استمتاع ينتهي بانتهاء اللحظة، وآخر لديه القدرة في التحكم بمشاعره،  فلربما من أجل هذا أتت، وبرمج النص "لا علاقة لك بهذا الشعور".

ربما لكي لا يتوهم بالتبادل، فيشعر بقيمة عنفوانه واتزانه ويتمتع بمزاجية شعوره الجميل بأريحية فائقة، ليتشبث بمن يحب، فلماذا يقحمه بتبادل مشاعر لن تتساوى كفتاها .

لا يدرك أي منحنى سوف يوجه الآخر تفسيره ،فلماذا الانتظار والوقوف عاجزًا اتجاه أمر ليس لنا التحكم في ربط مكابحه؟. أو يفقد جمال ما يشعر به بنزاع من أجل ذلك الود.

ولربما هذا الجبر والمطالبة بالتساوي تفرز شعورًا غير حقيقي من الآخر.

لا علاقة لك بهذا الشعور؛ لأنه شعور صادق نابع من القلب متفرد لك أنت؛ لأنك استطعت أن ترطب جوف القلب، وتثير غرائز النفس، وتجذب نحوك جل المشاعر، وتضيف للحياة، وإن كانت تترقرق كالماء فلا يبحث منها إلا على انسيابية ما يلم به. فبسط لك الدرب لكي لا تتحمل مسؤولية عناء ما يغور في حنايا الصدر.

لقد ابتلت القلوب، وغدقت بما لديها من حب، فنما تفاعل كيميائي أتى من التغير والتحول هذه القاعدة إنبنت على ذلك؛ فأجدها حقيقة من صادق النوايا.  فلمثل هؤلاء لا تكسر خواطرهم، ولا تجعلهم يعيشون في المحن، طالما أنهم وضعوا قانونًا يسلب منهم تبادلًا حقيقيًا مشحونًا بالتكهرب العاطفي، وكيف لضمير الآخر أن يتعامل معه؟