حُب الوطن

◄ عُمان تواصل المسيرة الظافرة تحت قيادة حكيمة تمضي بالوطن نحو المجد

◄ مسيرة النهضة الحديثة أروع ملحمة وطنية سطرّها العمانيون على مدى تاريخهم

◄ شبابُنا قادر على العطاء والإنتاج والإسهام في بناء عمان المستقبل

حاتم الطائي

ساعاتٌ قليلةٌ وتُشرقُ شمس أول أيام نوفمبر المجيد، ذلك الشهر الشاهد على مسيرة نهضوية شاملة تمتد منذ 51 عامًا، أطلق شرارتها الأولى المغفور له بإذن الله تعالى السُّلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- وحمل الشُعلة من بعده حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- أبقاه الله وأيده بنصره- ليستكمل ما بدأه "أعزَّ الرجال وأنقاهم" من جهود دؤوبة لخدمة الوطن والمُواطن، والسهر على إعلاء اسم عُمان عاليًا بين الأمم والشعوب.. وقد تحقق ولله الفضل والمنّة..

غدًا تضيء الشمس النوفمبرية بنورها أرجاء عُمان، فيأتي صباحٌ جديدٌ تملؤه نسمات التنمية وتزيّنه أزهار المشروعات الوطنية، فيجني المواطن ثمراتها اليانعة.. ونوفمبر شهر مجيد ينتظره كل عُماني وعُمانية سنويًا من أجل الاحتفال بحُب الوطن والتعبير عن أخلص معاني الولاء والعرفان لقائد المسيرة الظافرة، والابتهاج بعامٍ جديدٍ يُضاف إلى عقود النَّهضة الحديثة. إحدى وخمسون سنة وعُمان تمضي في طريقها نحو العُلا والسؤدد، مُستعينة في ذلك بسواعد أبنائها وبناتها في شتى مجالات العمل، مُرتكزة على خُطط واستراتيجيات طموحة تُعانق عنان السماء، بلا كلل، ترمي بناظرها نحو المُستقبل لتستشرف آفاقه الواعدة التي تحمل الخير لكل عُمان ومن يسكن أرضها الطيبة ويعيش فوق ترابها الطاهر. خمسة عقود ونيف من التنمية دون توقف، مشروعات عملاقة وبُنى أساسية يتواصل العمل فيها لكي ينعم المواطن بمكتسبات وطنه، ويحيا في عزة وكرامة.

وعندما نقول إنَّ ما تحقق على أرض عُمان خلال واحد وخمسين عامًا، تجسيدٌ لأروع ملحمة وطنية سطرّها العمانيون على مدى تاريخهم، فإننا نؤرخ لما أنجزته الإرادة الوطنية من مشروعات أحدثت طفرة في معيشة الإنسان العماني، وبرهنت للعالم أجمع كيف يُمكن لأمة أن تبني نفسها في أقل عدد من السنوات.. فمنذ أن أطلق السلطان الراحل نداء الواجب لكل عُماني وعمانية هبّوا جماعات وفرادى من أجل غرس بذرة المستقبل في تربة الأمل، وبلادُنا تواصل السير على درب التقدم والازدهار. ولا شك أنَّ كلمة السرّ في هذا الجهد الوطني المشهود، هي "حُب الوطن"؛ لأنه الحُب المُحفّز على العطاء والبذل، الحُب الذي يغرس في نفس كل مُواطن ومُواطنة الإصرار والعزيمة على الاجتهاد للإسهام في التَّنمية.. فهذا المُعلم الذي كان يعمل بالخارج، قرر العودة إلى ديار الوطن بعد عام 1970 وتعليم أبناء وطنه وسط إمكانيات كانت في تلك الفترة محدودة، لكنها تطورت إلى أن صارت اليوم تُواكب العصر بما تزخر به من وسائل رقمية ومواد معرفية ومصادر نوعية يستزيد منها الطالب والمُعلم. الجميع عاد لكي يضع لبنة في صرح النهضة الشامخ، ويحتفي بين أبناء وطنه بما تحقق من مُنجزات كانت وستظل شاهد عيان على ما صنعه العمانيون من ملاحم في البناء والعمل.

حُب الوطن شعور نبيل يمنح المواطن الطمأنينة والأمان والاستقرار، وهي مشاعر لا يجب التقليل منها، خاصة وأننا نرى من حولنا في مُعظم بقاع المنطقة والعالم، كيف أنَّ قيم مثل الاستقرار والأمن، تكاد تكون منعدمة، أو تواجه تحديات، في المقابل تنعم عُمان بهذه القيم بفضل لُحمتها الوطنية وتآزر مواطنيها واستتباب الأمن، لأنَّ هناك رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وقرروا أن يُكرسوا أنفسهم وحياتهم من أجل أن تظل عُمان في رخاء ونماء إلى يوم الدين.

إننا عندما ننادي الشباب- تحديدًا- بأن يستشعروا حب الوطن في نفوسهم، فإننا نُدرك حتمًا أنَّ هذا الحب لم يخفت يومًا في قلوبهم، لكننا نريد منهم أن يحبّوا وطنهم عبر المزيد من الإنتاجية في العمل والحرص على التميز والنجاح في دراستهم، نحث شبابنا على حب الوطن من خلال عدم الالتفات إلى النقاشات العقيمة على وسائل التواصل الاجتماعي، والمُضيّعة للوقت والجهد، نطالبهم بأن ينصرفوا إلى العمل في كل الوظائف المعروضة عليهم، وأن من يملك منهم القُدرات الشخصية على العمل الحر فليتجه إليه دون تفكير، ولله الحمد معظم شبابنا قادر على ذلك.

لقد أثبتت الأحداث والمواقف أنَّ العمانيين يدٌ واحدة في مواجهة التحديات، وما الأنواء المناخية الأخيرة سوى شاهد على ذلك، ولذلك نحن بحاجة إلى التحلي دائمًا بهذه الروح الوطنية التي هبّت لنجدة وإغاثة أهلنا في المناطق المتضررة من هذه الأنواء، وأن نقف باستمرار خلف قيادتنا الحكيمة؛ فجلالة السُّلطان- حفظه الله- ومنذ أن تولى مقاليد الحكم، يسدي توجيهاته وأوامره السامية لكل ما فيه خير الوطن والمواطن، ولقد كان العامان الماضيان خير دليل على نجاعة القرارات والإجراءات التي اتخذتها حكومة جلالته، للحد من التداعيات التي خلفتها أزمة وباء كورونا وكذلك التحديات الاقتصادية.

وختامًا.. إنَّ حب الوطن يتجسد في حياة كل مواطن ومواطنة، وهذا الوطن ملكٌ لنا يتحتم علينا العمل دائمًا على حماية منجزاته وصون مكتسباته، كي ينعم بها أبناؤنا والأجيال القادمة.