اللانهائي

 

 

 

عمرو العولقي

تبدأ الحياة بشغف البحث والاكتشاف، وخوض معترك الصراع الدنيوي بدءا من الولادة إلى آخر يوم لنا على ظهر البيسطة، فما هي تلك القوة الخفية التي تدفعنا إلى الصمود والتشبث بالحياة؟ بل ما هو ذلك الشعور الذي لا يجعلنا نستسلم عند أول صدام معها؟

هناك بعض الأسئلة تحمل الإجابات بين طياتها، بينما الكثير منها تبقى بلا تفسير أو حل، وما يفصل بين الحالتين هو الزمان والمكان. قد يسمح لنا فهم كل ما يدور حول ذلك شيء واحد، وهو وجودنا ضمن مُفترقات طرق لامتناهية من الأحداث والبشر والمغامرات المجهولة لنا تمامًا، بحيث يبدو الأمر كخيارات محددة وواضحة وكل ما علينا هو الاختيار. هنا يكمن التناقض بين تلك القوة ومحدودية الزمان والمكان وولادة الخيارات التي تحيك طريقة عيشنا وتحكم إرادتنا؛  فالطرق المجهولة للحياة تخلق قوة خفية تعد بالنجاح وتغذي الطموح .

فنجد الكل في سعي دائم لاختيار الأفضل بما يراه مناسباً له في ذلك الزمان المحدد ومكان تواجده، والغريب في الأمر أنه بعد مرور مدة من الزمن تتغير تلك الاختيارات لتصبح خاطئة ونراها غير مناسبة ونعيد تقييم الموقف بالزمن الجديد والمكان الجديد ويختلف الخيار الذي كنَّا مقتنعين أنه هو الأصح .

أصبحنا الآن نجد معنى أعمق لتلك القوة العجيبة التي تدفعنا نحوالمستقبل وصارت المتعة الخفية التي تمدنا بالطاقة. فهل أصبحت القرارات عشوائية ضمن هذه الدوامة من الأحداث؟ أم أن هناك أشياء أخرى تحكم تلك القرارات؟

نعم! هناك أشياء أخرى تغير مجرى الحياة لأنه بكل بساطة نحن نعيش ضمن مجموعات وليس بشكل فردي، وهناك ترابط عميق بين الكائنات على الأرض وتغيير بسيط في المنظومة يُؤثر على الجميع.

وتختلف وجهات نظرنا من شخص لآخر ويختلف حكمنا على طريقة عيشنا باختلاف مصالحنا، ونبني علاقتنا وارتباطاتنا بناءً على كل ذلك، ونخلق لأنفسنا عالما نحيا فيه بدءا من الخيال إلى الواقع ونتكيف مع المحيط الزماني والمكاني، ونبدأ بمجاراة تلك الأحداث بحسب الظروف واتخاذ القرارات المتاحة لكل منِّا بحسب نظرته للحياة لتمتزج كلها فتصنع لنا نسيجا تكامليًا. فقد يسعد البعض بها ويستمر في الكفاح والنضال، وفهم معانيها وعبور جسورها إلى مناطق الأمان المنتظرة. وقد ييأس بعضنا ويستسلم لما واجهه ويرضخ تحت وطأتها ويرى أنه قد حرم منها.

ولكن إن أمعنا النظر جيداً سنجد الإجابة الشافية.

الحياة غنية بأحداثها، جميلة ببساطتها وكيفما أرادها الإنسان سيجد مبتغاه سواء كان غنيا أوفقيرا شيخا أم صبيا.. الاختلاف الوحيد هو فهمك للمعنى الحقيقي للرضا الروحي والتصالح مع الذات وإيجاد الحلول الناجعة لما يتناسب مع أسلوب حياتنا ونبذ الفكر المادي البحت الذي هو مجرد وسيلة لتدوير عجلة الحياة.

الحياة مزيج من الفرح والحزن ...الحياة خيارات وقرارات قد يكون لك يد فيها وقد تفرض علينا بقرارات آخرين .. كانوا سببا في التأثير التسلسلي وتغير الأحداث فكن كما أنت وارضى بما لديك واسعى لما فيه مصلحتك بدون أن تؤثر سلباً على بقية المنظومة لكي تحيا بسعادة وتنعم بالكمال الروحي والسلام النفسي .

واعلم أنَّك جزء من العالم وأنك مؤثر في حياة من حولك وتعلم النجاح من أخطائك وعش بسيطاً واستحضر الإيجابية كأسلوب حياة تأتيك السعادة طوعًا واعبر الزمن المُقدر من عمرك في المكان الذي اخترته بكل رضا وسرور.

تعليق عبر الفيس بوك