المعتصم البوسعيدي
تعيشُ السلطنة الحبيبة أجواءً مُختلطة من المشاعرِ بعد إعصار شاهين؛ حيثُ تمتزجُ مشاعر الحُزن والألم من آثارِ الأنواءِ المناخيةِ وخسارة الأرواح (رحم الله ضحايا الإعصار) والمُمتلكات بمشاعرِ الفخرِ والاعتزاز للُحمةِ الوطنيةِ والتكافل الاجتماعي والمحبةِ الصادقة بين أبناء هذا الوطن العزيز والمُقيمين عليه.
لا يخلو الجانب الرياضي من هذه المشاعر ومن تِلكَ الخسائر ومن ذاكَ التآزر، لكن الحديث يقودنا إلى الوضعِ الرياضي في السلطنة، واستحضار الإعصار على واقِعِنا ومدى الحاجة إليه، تلك الحاجة التي- لا شك- تختلف في دوافعِها؛ فالإعصارُ الحقيقي قدر الله وقضاؤه العادل، والذي يجب التأمل فيه والوقوف على أسبابهِ والعمل عليها، أما هذا الإعصار فإنه نابعٌ- فيما لو قدر الله أن يحدث- من رغبةٍ في اجتثاثِ أسباب تأخرنا عن ركبِ الريادة، وتدمير كُل فكر عقيم يعيقنا عن المضي قدماً في التنافُسِ وتحقيقِ الأهداف السامية من الرياضة.
وهنا يُطرحُ السؤال: هل حانَّ الوقت لذلك؟! أم أنَّ ما نعيشهُ ينبئ بقدومِ إعصارٍ هادر على رياضتِنا؟! وحتى نكون واقعيين- وما اعتقده بصراحةٍ شديدة- فإن ما نشاهدهُ لا يبعث على التفاؤل خاصة مع الوضع الاقتصادي الصعب، إلا إذا قررت الحكومة الاستثمار في الرياضة، ومع ذلك سنبتعد عن جلد الذات ونركز- فعلياً- على الأملِ المُنبعثِ من هُنا وهُناك.
لقد بدأت السلطنة وضعِ مسار جميل حول استضافةِ الأحداث الرياضية المُختلفة؛ فبعد اختيار ملف السلطنة لاستضافةِ كأس العالم لخماسياتِ الهوكي، أُقيمت على أرضِ السلطنة بطولة عُمان الدولية للأشبال والناشئين لعام 2021 لكرةِ الطاولة التي نظمها الاتحاد العماني لكرة الطاولة بالتعاونِ مع مؤسسة كرة الطاولة العالمية، فيما تجري حالياً التصفيات النهائيةِ لبطولةِ كأسِ العالم للكريكيت فئة T20 تحت استضافة النادي العُماني للكريكيت بملاعب أكاديمية عُمان للكريكيت بولايةِ العامرات، الأمر الذي يُحفز على استمرار استضافة هكذا فعاليات ويضعنا على خارطة العالم الرياضية مع ضرورةِ إنشاء وتطوير البنية التحتية وتحديثها بروح عصرية عالمية.
الأمل يقودنا نحو وضع منتخبنا الوطني الأول لكُرةِ القدم في التصفياتِ النهائية لمونديالِ قطر 2022، وما قدمه من أداءٍ جيد ونتائج مُبشرة تحتاجُ لعمل مُضاعف فيما تبقى من جولات، خاصة مع عودة اليابان للتنافسِ من بوابةِ أستراليا، آملين أن يساعدنا بدء الموسم الكروي لدورينا للارتقاءِ بالمُنتخب رغم الحديث عن مستوى دورينا وانعكاس مردودهِ على لاعبينا، لكن تبقى إقامته أفضل من توقفهِ وتأجيل إقامته.
من أكثرِ أضواء الأمل سطوعاً هو الشغفِ الكبير والعمل المُضني للبطلِ الذهبي عمر الغيلاني، والذي استطاعَ التربع على عرش بطولة كأس العالم للغوص الحر (إيدا) 2021 بجمهورية مصر العربية، هذا البطل يستحقُ كل تكريم وإشادة، وعالميته- بالتأكيدِ- لم تكُن وليدة الصدفة، كما أنها لم تأتِ كمفاجأةِ واستثناء؛ فالغيلاني له العديد من الإنجازات السابقة والمشاركات الناجحة، وبالتالي فإن الأخذ بيدهِ يجب أن يكون من البناءِ على ما تحقق واستجلاب كل السُبل المُعززة للمواهبِ العمُانية القادرةِ على رفع ِعلم السلطنة في المحافلِ العالمية.
أخيرًا.. هل نحتاج لإعصارٍ يزيل إحباطنا؟! وأنواء مناخية ترفع منسوبِ طموحاتِنا؟ نعم قد نحتاج ذلك، ولكن دون وضع الرياضة في أولوياتنا سنظل "محلك سر" كتلكَ الطفلة التي حلمت أن تبيع سلة البيض التي تحملها فوق رأسها مرة تلو مرة، حتى استطاعت شراء بقرةٍ حلوب كبرت ثروتها من بيع حليبها، فأصبحت بعد حين تاجرة الحليب والألبان المعروفة، وما كادت تنتهي من هذا الحلم حتى تعثرت قدمها، فوقعت وسقطت السلة، وأنكسر البيض، ليذهب حلمها أدراج الرياح!! نقطة.. نهاية السطر!