شهيدة الواجب

ناصر بن عبدالله بن مسعود الريامي

هي عواطف بنت علي بن مسعود بن علي الريامية. ولدت في المدينة الحجرية التاريخية في سلطنة زنجبار، بتاريخ 31 مايو 1946م. شهدت بواكير نشأتها في هذه السَّلطنة، وفيها التحقت بالمدرسة العربية، في عام 1951؛ حيث كانت والدتها، تماضر بنت محمد بن ناصر اللَّمكية، ناظرة المدرسة.

في هذه المدرسة، درست سنةً تمهيدية، قبل أن تلتحق بالدراسة الابتدائية، التي تدرَّجت فيها حتى الصَّف الثالث الابتدائي. وفي سنة 1955م، قرّر والداها ابتعاثها، هي وإخوتها، وأبناء عمومتها، إلى القاهرة، لتكملة تعليمها هناك. وفي القاهرة، التحقت بمدرسة النيل القومية الابتدائية المشتركة، في حي المنيل؛ ثم مدرسة العجوزة القومية الإعدادية للبنات؛ ثمّ مدرسة مصر الجديدة الثانوية للبنات. أكملت تعليمها الثانوي في سنة 1964م؛ لتلتحق، بعدئذٍ، بكلية العلوم، جامعة القاهرة، واختارت علم الأحياء، تخصّص نبات. وفي سنة 1968م، نالت شهادة البكالوريوس في هذا التخصّص.

ما كان لعواطف أن تعود إلى مسقط رأسها زنجبار، بعد تخرجها؛ وذلك بسبب التغييرات السياسية التي حدثت في زنجبار سنة 1964م، والتي أدّت إلى تأميم الغالبية العظمى من ممتلكات العرب؛ بل، وإلى سقوط حظّهم ومكانتهم بالمجمل. فما كان منها، والحال كذلك، إلّا أن التحقت بوالديها في إمارة دبي، حيث كان والدها يعمل أمينًا للخزينة في الفطيم للسيارات. وفي تلك الإمارة، تزوجت، عقب وصولها بفترةٍ وجيزة، من المصّور المشهور، تغلب بن هلال البرواني.

وبعد أن أطلق المغفور له، بإذن الله تعالى، السُّلطان قابوس بن سعيد، طيَّب الله ثراه، نداءه التاريخيّ إلى العُمانيين في الشّتات، بالعودةِ للمساهمة في بناءِ نهضةِ عُمَانَ الحديثة، شدَّت الرحال فورًا، هي وزوجها، للمُساهمة في هذا العمل الوطني، ودخلا مسقط رأس الأجداد فعلًا في خواتيم عام 1970م، لتلتحق بوزارة التربية والتعليم، حيث عملت معلمة مادة العلوم، لمدة سنة تقريبًا، ثم مُوجهة، ثم مديرة مدرسة. في سنة 1972م، ابتعثت من قبل الوزارة إلى بيروت للالتحاق بدراسةٍ نظريةٍ عملية في مجال التربية، واستمرت في هذه الدراسة لمدة سنة كاملة. عادت إلى السلطنة في سنة 1973م، فتعيّنت خبيرة في ديوان عام الوزارة. شاركت في العديد من المؤتمرات، والمنتديات العالمية، كان آخرها، قبيل وفاتها بأيامٍ معدودة.

أيامُها الأخيرة

في منتصف شهر ديسمبر 1975م، ولما كان من المقرر لها حضور ندوة في العاصمة البريطانية لندن؛ لتلتحق بعده، في القاهرة، بمعالي وزير التربية والتعليم، السيد فيصل بن علي آل سعيد، لحضور المؤتمر الرابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، بتاريخ 27 ديسمبر 1975م؛ وجدَت من ذلك فرصةً سانحةً، لأن تصطحب معها ابنتيها (ريم وسُها)، وتتركهما في القاهرة، حيث مقر إقامة والدتها، بعد أن نُقِل والدها للعمل في السّفارة العُمانية هناك؛ ومن القاهرة سافرت إلى لندن لفترةٍ وجيزة؛ وعادت بعدها إلى القاهرة، لحضور المؤتمر برفقة الوزير. استأذنت الأخير، للعودة إلى مسقط، قبل انتهاء المؤتمر بيومٍ واحد؛ وذلك لأجل حضور حفل زفاف ابن عمها، محمد بن عبدالله الريامي، بتاريخ 1/1/1976م. حاولت والدتها عبثًا أن تثنيها عن هذه السفرة الأخيرة، لتوجّسها من ركوبها طيران الشرق الأوسط، لاسيما وأن الطائرة كان من المقرر لها التوقف في مطار بيروت، قبل أن تكمل رحلتها إلى مسقط؛ إذ أن لبنان في ذاك الوقت كان تحت وطأة الحرب الأهلية (1975 – 1990). تحقق ما كانت تخشاه الأم؛ حيث تعرضت الطائرة لإنفجارٍ فوق المنطقة المحايدة بين العراق والسعودية والكويت، بعد الثالثة من فجر يوم الخميس، الموافق 1 يناير 1976م، بتوقيت سلطنة عمان؛ نتج عنه مقتل ركاب الطائرة جميعهم، وكذا أفراد الطاقم، دون أن ينجوَ منهم أحد. ومما يذكر، فإن حطام الطائرة تم العثور عليها ظهر اليوم نفسه، على بُعد 270 كيلومتر جنوب غرب الكويت، قرب قرية القيصومة، داخل أراضي المملكة العربية السعودية.

 وفي خِضَم صدمة المسؤولين في وزارة التربية والتعليم، بتلك الفاجعة، التي أفقدتهم إنسانة عزيزة على قلوبهم؛ قرَّر معالي الوزير، تخليدًا لذكراها، وتمجيدًا لما قدّمته للمنظومة التعليمية من خدمات؛ قرّر تسمية إحدى مدارس البنات باسم الشهيدة عواطف الريامية، وأفصح عن قراره هذا في الكلمة التي ألقاها معاليه في حفل التأبين الذي أقامته الوزارة في يوم الإثنين، الموافق 9 فبراير 1976م (المرجع: صحيفة عمان، بتاريخ 14/2/1976).

رحم الله الفقيدة وبناتها عصافير الجنة.

تعليق عبر الفيس بوك