الرؤية- مدرين المكتومية
نحتفلُ في السابع عشر من أكتوبر من كل عام بيوم المرأة العُمانية، الذي يأتي تتويجًا وعرفانًا بجهودها وعطائها وتفانيها في مسيرة التنمية، كما إن هذا اليوم اعتراف كامل بأنها شريك حقيقي وفاعل في بناء الوطن، وأن الوطن لن يتقدم إلا بسواعد أبنائه، نساءً ورجالًا، فجاء هذا اليوم لتخليد كل عطاءاتها على مختلف الأصعدة، وفي شتى المجالات؛ اقتصاديًا، وسياسيًا، ورياضيًا، واجتماعيًا، وثقافيًا.
ويأتي تخصيص يوم 17 أكتوبر وفقاً للأمرالسامي الصادر في عام 2009 عن المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- وذلك في ختام ندوة "سيح المكارم" بولاية صحار، وذلك تكريماً من السُّلطان الراحل للمرأة وتقديرًا لدورها في نهضة عُمان.. ومنذ ذلك اليوم وفي كل عام تحتفل نساء عُمان بهذه الذكرى العزيزة، من خلال العديد من المناشط والفعاليات، فضلاً عن الندوات والملتقيات التي تناقش العديد من قضايا المرأة والأسرة مع تسليط الضوء على الأدوار التي لعبتها وتلعبها المرأة في مسيرة التنمية. والعام الماضي، حظيت المرأة العُمانية بتكريم رفيع المستوى، حيث قامت السيدة الجليلة حرم جلالة السلطان المعظم- حفظها الله ورعاها- بتكريم عدد من النساء المجيدات في مختلف المجالات، تقديرًا لدورهن وإسهاماتهن في المنجز الإنساني العُماني. وقد كرمت السيدة الجليلة ما يقارب 50 امرأة عُمانية كان لهن بصمة جليّة في مختلف قطاعات العمل، فكان ذلك التكريم وسام فخر واعتزاز لكل امرأة عُمانية.
قوانين وتشريعات
وينص قانون العمل الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 35/2003 على أحكام تضمن حق المرأة في العمل مساواة مع الرجل، فقد خاطب القانون في أحكامه (العامل) بصرف النظر عن جنسه، إلا أن مزايا أفضل قد أوردتها نصوص خاصة في القانون كحق المرأة في عدم المساس بوظيفتها الاجتماعية، ومُراعاة طبيعتها حيث لا يجوز تشغيل النساء فيما بين الساعة السادسة مساءً إلى السادسة صباحاً إلا في الأحوال والأعمال التي يصدر بتحديدها قرار من الوزير، كما إنه لا يجوز تشغيل النساء في الأعمال الضارة صحياً وأخلاقياً والأعمال الشاقة وغيرها من الأعمال تحدد بقرار من نفس الوزير.
أما قانون الأحوال الشخصية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 32/97 فقد قنن الأحكام التي أوردها الشرع الإسلامي الحنيف في هذا الشأن؛ إذ كفل للمرأة الحقوق التي كرمها بها الله- عز وجل- وأبعد عنها ما قد يُسيء لها من مُمارسات، وحفظ لها علاقة متوازنة مع الرجل تقوم على العدل والإنصاف. ويعزز قانون الأحوال الشخصية رقم 32/97 الحقوق التالية والتي منحتها الشريعة الإسلامية سلفا، حيث تتيح المادة 10/ب للقاضي الإذن بزواج البنت التي يتجاوز سنها 18عاماً في حالة عدم كفاية مبررات رفض ولي أمرها. أما المادة 23 فتنص على أن "المهر حق للمرأة تتصرف فيه كيف شاءت، ولا يعتد بأي شرط مخالف"، والبند 1 من المادة 37 والمادة 49 تنص على واجب كفالة الزوج لزوجته حتى وإن كانت ثرية، والبند 3 من المادة 37 يؤكد على حق الزوجة في الاحتفاظ باسمها بعد الزواج، والبند 4 من المادة 37 يؤكد على حق الزوجة في إدارة ممتلكاتها الخاصة، كما تمنح المادة 82 حق الطلاق إذا رغبت دون إبداء أسباب في حالة تضمين هذا الحق في نصوص العقد.
الحقوق الكاملة
ومما يُؤكد حصول المرأة على كامل حقوقها أن لها الحق في التملك والاستئثار بملكها والتصرف فيه بشتى أنواع التصرفات، وهو حق مكفول للمرأة متزوجة كانت أم غير متزوجة، وقد ورد النص على هذا الحق في (المادة11) من النظام الأساسي للدولة التي أكدت على أن الملكية الخاصة مصونة. وحق المرأة هذا مطلق، يشمل جميع الأموال التي يصح تملكها عقاراً كانت أم منقولاً. كما أن للمرأة الحق في إدارة أموالها وأملاكها، فلها على سبيل المثال الاشتغال بالتجارة، إذ لم يرد في قانون التجارة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (55/90) ما يمنع المرأة من مزاولة التجارة فهي والرجل سواسية في هذا المجال. مجمل القول في هذا الصدد، أن المرأة تتمتع بذمة مالية مستقلة عن أسرتها وزوجها وهو حق محمي بنصوص الشريعة الإسلامية السمحاء والقوانين السارية.
وقد أتاح للمرأة العُمانية حق الحصول على أرض سكنية مثلها مثل الرجل ودون أي تمييز في إشارة واضحة من قبل جلالته -حفظه الله ورعاه- في المرسوم السلطاني رقم (125/2008) الذي صدر عام 2008م والقاضي بتعديل نظام استحقاق الأراضي الحكومية إلى الدور الذي تقوم به المرأة كشريك في التنمية ومساهمتها الفعالة في عملية البناء والتعمير، حيث إن المرأة العُمانية قد نالت من الحقوق والواجبات في ظل هذا العهد الزاهر ما ناله الرجل.
وحظيت المرأة بالكثير من الحقوق في القوانين والتشريعات، كما أن لها أيضا حقوق مقررة بموجب المعاهدات والاتفاقيات الدولية، حيث تتابع حكومة سلطنة عُمان المؤتمرات والمحافل الدولية الخاصة بالمرأة، وتنظر إليها بأهمية بالغة، وتسعى من خلال ما تصدره من تشريعات إلى تأكيد مقررات تلك المحافل بشأن تمكين المرأة في أداء دورها في المجتمع وكفالة الحماية القصوى لحقوقها.
إحصائيات وأرقام
ووفق أحدث الإحصائيات، تشكل الإناث العُمانيات ما نسبته 49.7% من إجمالي السكان العُمانيين حتى نهاية شهر أغسطس 2020، وتشكل الإناث الأطفال بالفئة العمرية من (0 - 17 سنة) ما نسبته 42.8% من إجمالي الإناث العُمانيات في عام 2019م، وبلغت نسبة النوع 101 ذكر لكل 100 أنثى حتى منتصف العام الماضي.
وبلغ العمر المتوقع للحياة للإناث 79.2 سنة مقابل 75.2 سنة للذكور في عام 2019، وانخفض معدل وفيات الأمهات من 18.3 وفاة لكل 100 ألف مولود في عام 2014 الى 10.3 وفاة لكل 100 ألف مولود في عام 2019. وبلغت نسبة الالتحاق الإجمالي للإناث بالصفوف من 10- 12 96.5% في العام الدراسي 2018/ 2019، كما انخفضت نسبة الأُمية لدى الإناث بشكل واضح من 11.4% في عام 2014 لتصل إلى 6.5% في عام 2019. وفي مجال الرعاية والحماية الاجتماعية بلغ عدد الحالات المستفيدة من معاش الضمان الاجتماعي من الإناث 44 ألفًا و204 حالات يشكلن 59.7% من إجمالي عدد الحالات.
وبلغت نسبة الإناث العُمانيات العاملات في القطاعين الحكومي والخاص 33.2% من إجمالي العاملين حتى نهاية يوليو 2020، وبلغت نسبتهن في القطاع الخاص 26.4% من إجمالي عدد العُمانيين العاملين في القطاع، وبلغ عددهن في نهاية عام 2019 أكثر من 66 ألفًا و400 عاملة. وبلغت نسبة الأراضي التي تم منحها للعُمانيات من الحكومة 47% من إجمالي الأراضي الممنوحة في عام 2019. كما تم إصدار 45% من إجمالي رخص القيادة الجديدة في عام 2019 للإناث.
ونالت المرأة العُمانية اهتمامًا كبيرًا من خلال إنشاء عدد من جمعيات المرأة العُمانية في مختلف محافظات وولايات السلطنة؛ حيث تعد هذه الجمعيات داعمة للكثير من النساء، خاصة فيما يتعلق بتمكينهن ورفع قدراتهن في مختلف الجوانب الحياتية. ويبغ عدد جمعيات المرأة 65 جمعية وفرعاً تضم 9509 عضوات، وتوجد بتلك الجمعيات مراكز التأهيل النسوي ومراكز تنمية المرأة الريفية التي تتبع للجمعيات إشرافيًا.
المرأة والفنون
وتسهم المرأة العُمانية في أداء وإبداع الكثير من الفنون؛ وأهمها الفنون الشعبية مثل فن "الدان دان" وفن "مغايظ" الذي تؤديه النسوة في الأعراس والاحتفالات الاجتماعية السعيدة؛ حيث يطلق على أغانيه الغنا، غنا العرس، وأيضا فن "الوقيع" وهو فن من الفنون الظفارية تؤديه النسوة.
ومن الفنون النسائية فن "الويليه" وتؤديه المرأة في بعض ولايات الداخلية والظاهرة، وأيضاً فن "زفة الكيذا" وفن "تروري" الذي تقوله الأم لصغيرها لكي ينام، وأيضا فن "غناء المريحانة" وهو فن غنائي تؤديه مجموعة من الفتيات، وفن "ليالي الجمرية".
