كُلَّهُ خَيْرٌ

 

وليد بن سيف الزيدي

اقتضت حكمة الله تعالى في هذه الأيام أن يتعرض الوطن العزيز عُمان لحالة مدارية أطلق عليها اسم "شاهين" والتي تسببت في إلحاق الضرر بالعديد من الممتلكات العامة والخاصة وما صاحبه من أضرار نفسية واجتماعية لدى البعض منِّا، والتي ستكون آثارها باقية في النفس خلال الفترات القادمة ولاسيما في المناطق الساحلية من السلطنة. وحيث من المعلوم لدى الجميع أنَّ عُمان أصبحت عرضة لمثل تلك الأنواء المُناخية بين فترة وأخرى، وهذا ما يشير إليه الواقع الذي عشناه ونعيشه في السنوات الأولى من هذا القرن من الزمن بداية من إعصار جونو(2007)، ومرورًا بـ"فيت" (2010)، ونيلوفر ونانوك (2014)، وأشوبا وتشابالا وميج (2015)، ومكونو ولبان (2018)، وهيكا وكيار (2019)، و"شاهين" 2021.

نعم.. رُبَّ أحد يقول: أنت لم تأتِ بجديد من خلال هذا الكلام، حيث هو المتداول والمتعارف عليه هذه الأيام. فأين الجديد هنا؟

نعم.. هذا صحيح يا أخي. فالجديد هنا يكمُن في فهم ما بين تلك السطور والمتمثل في الشعور والنطق بعبارة "كُلَّهُ خَيْرٌ" ولا سيما في ظل وجود هذه الحالة المدارية. فهو بذلك يكون خيرا للمؤمن من خلال الشكر لله على السراء فيكون له الخير بإذن الله تعالى، والصبر على الضراء فيكون له الخير أيضًا بإذن الله تعالى. وهذا ما رواه مسلم في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال: "عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ".

 وفي هذه الحالة المدارية خير للأفراد والمؤسسات في معالجة الخطط الحالية قدر الإمكان وبناء الخطط المستقبلية من خلال الاستفادة من التجربة المُناخية في السلطنة خلال السنوات الماضية المتعاقبة، وذلك من خلال تعزيز نقاط القوة ومعالجة نقاط الضعف واستغلال الفرص المُتاحة وتجنب التهديدات أو الأخطار المتوقع حدوثها سواء أكان على المستوى الفردي أو المؤسسي وفي حدود الإمكانيات المتوفرة؛ حتى بذلك يمكن التوصل إلى بعض الحلول التي من شأنها أن تقلل من الآثار الناتجة من مثل هذه الأنواء المُناخية والمتوقع حدوثها خلال السنوات القادمة.

وهو خير أيضًا في وجود فرصة مناسبة لتحويل القول المتداول بيننا والذي يقول: "الرجال مواقف" إلى واقع ملموس. وذلك من خلال تعزيز قيمة التكافل الاجتماعي وقيم المواطنة الصالحة في الوقوف مع بعضنا البعض في المحن والشدائد داخل الوطن العزيز وخارجه. وهذا ما أكدته تلك المواقف من الرجال والنساء داخل الوطن العزيز في الأنواء المُناخية السابقة والحالية.

وهو خير في أن يكون للسلطنة دور في الزمن القريب القادم في إمكانية عقد مؤتمر عالمي يضم عددًا من الدول يتم من خلاله تبادل الخبرات والأفكار والتجارب في مجال التغيرات المُناخية العالمية، مستفيدين من التجربة العُمانية في الفترة الماضية والحالية من حيث التعامل مع مثل تلك الحالات الناتجة من التغيرات المُناخية وتكرارها. وخاصة أن بعض دول العالم شهدت أيضًا مثل تلك الحالات الناتجة من التغيرات المُناخية في الفترة القريبة الماضية، ولكن من زوايا أخرى تمثلت في الحرائق والفيضانات. وفي نهاية المؤتمر يتم الخروج بتوصيات ومقترحات حقيقية ومرتبطة بتلك الأفكار والتجارب التي تم مناقشتها وتكون قابلة للتطبيق وفي حدود الإمكانيات البشرية والمادية في تلك الدول، ويكون مفادها التركيز على معالجة سلوك الإنسان في تعامله مع البيئة الطبيعية. وكذلك التركيز على كيفية توفير الطاقة الخضراء أو الصديقة للبيئة كبديل مستقبلي والإسراع في إنجازه. وتفعيل دور البحث العلمي المشترك بين دول العالم في تناول بعض المواضيع المتعلقة بالتغيرات  المُناخية العالمية.

تعليق عبر الفيس بوك