خالد بن أحمد الأغبري
لا شك أن مسارات الحياة مكونة من عدة عوامل طبيعية تتشكل من خلالها قوى فاعلة مهمتها خلق المؤثرات الإيجابية والتصحيحية التي تهدف إلى خلق التوازنات البيئية على أرض الواقع والتي سخرها الله لحفظ هذا الكون من غطرسة مخلوقاته المؤدية إلى بث الفوضى اللامسؤولة في علم يواجه تحديات بينية صعبة ومقلقة تتحكم فيها عقول تتفاوت في نظرتها وسلوكها وأخلاقياتها وتحديد ملامح معطياتها وإدارتها وذلك بخلاف ما يجسد قدرة الخالق في رسم وإدارة معالم ومكونات هذه الحياة.
وعندما يرسل الله جنده من خلال خلق مثل هذه الأوبئة والأعاصير وما شابه ذلك فهي بمثابة رسالة توعوية ومعالجة تصحيحية من أجل محاسبة النفس ومراجعتها بما يضمن لها حياة هادئة ومُستقرة ويمنحها الفرصة لمراجعتها وإعادتها إلى جادة الصواب بما يتوافق مع عقيدة الإنسان المؤمن والرسالة المحمدية الشاملة التي أوجدت تلك التشريعات الواضحة لمسارات الحياة ومُعطياتها في مختلف الجوانب. فرسالة فيروس كورونا لا تزال جاثمة ومتفاعلة في أرجاء المعمورة، آخذة بين مد وجزر، وضحاياه بالملايين، وهي رسالة من أعظم الرسائل التي يفترض أن تكون قد أيقظت القلوب الغافلة وحركت فيها المشاعر الإنسانية لكي تستوعب مجريات الأحداث وبلورة تلك المعاني التي تستنهض القلوب الغافلة والضمائر النائمة من أجل إعادة حساباتها والرجوع إلى خالقها وتحديث سلوكياتها وأخلاقياتها بما يجسد مبادئ دينها ويتفق مع معطيات عقيدتها وشريعتها.
وها هو إعصار "شاهين" جاء ليعمق حجم المعاناة بآثاره الشديدة التي خلفت الكثير من الأضرار التي لا يستهان بها خاصة وأنها جاءت في وقت لا زالت الحكومة تُحاول مُعالجة بعض الإخفاقات بفرض الضرائب والرسوم لتحسين الوضع الاقتصادي وتعزيز القدرة المالية والمعيشية بينما هي في واقع الأمر- أي هذه الضرائب- يُعاد تدويرها لإصلاح ما أفسدته هذه الأزمات والكوارث في إشارة واضحة بأنه على المجتمعات الإسلامية أن تتجاوز مرحلة هذه الضرائب وتعويضها بجباية الزكاة؛ لكي تحقق دعائم اقتصادية مرضية، تُراعى فيها مصالح الناس وفق الشريعة المؤدية إلى رضا الله والعمل وفق منهجه سبحانه وتعالى؛ حيث إنَّ الزكاة ركن أصيل من أركان الدين وجبايتها تحقق الفائدة المثلى، من حيث نشر الفضيلة وتطهير المجتمع من شوائب الحياة وسوف يكون ذلك رافداً وداعما لجهود الحكومة ودورها في خدمة الوطن والمواطن في شتى مناحي الحياة ومعززاً لمنظومة التكافل الاجتماعي كماً وكيفاً.
نصيحتنا لأنفسنا أن نجلس مع ذواتنا ونضع لها خارطة طريق محددة المعالم بالكيفية التي نرى فيها مسارًا صحيحًا لما أوجبه الله علينا وأمرنا به لصلاح ديننا ودنيانا حتى نكون على المحجة البيضاء، والله الموفق.