من مستعد؟!

 

خليفة بن عبيد المشايخي

khalifaalmashayiki@gmail.com

 

أيُّها الأخ والأب والشيخ والأستاذ الحبيب وقارئي العزيز نتفق أنه بالجهد على أشياء الدنيا ومجالاتها وأعمالها نتحصل على النتائج، فمثلاً حينما يكون الجهد في التجارة وعليها، فإننا سنحصل على نتيجة الاهتمام والانشغال بها، وسنرى عائد ومردود اجتهادنا فيها ولها وعليها، ماثل أمام أعيننا، وسيكون كذلك مسايرة تطورها وزيادتها ونمائها ووفرة وأعداد مداخيلها وكثرتها متحقق لنا، لأننا وضعنا أفكارنا وخططنا وسخرنا الجهد والوقت والمال من أجلها، وإذا كان هناك تحرك للزراعة، فإنه هو الآخر سيأتي بالنتائج، والأمر كذلك في الصناعة والهندسة وغيرها من المجالات.

أما إذا كانت هناك جهود في الدين ومن أجل الدين، كذلك سنتحصل على النتائج لا محالة، ولكن شتان بين نتائج الاهتمام بالدنيا والاجتهاد لأشيائها، وبين الجهد والاجتهاد  للدين، فلا مقارنة مطلقاً، فمن يجتهد للدين فقد ترك الدنيا قبل أن تتركه، واختار خالق الدنيا وربها، وياله من اختيار موفق وحظ وفوز عظيمين، فمن ترك شيئاً لله عوضه خيراً منه.

ومن ضحى لله وسعى لله ولدينه، فإنه فاز فوزا عظيما، والذي يفوز في هذا السبيل، حتماً سيزحزح عن النار أجارنا الله منها، فمن منِّا مستعد للتضحية وبذل وقته وماله للدين، حتى يعوضه الله خيراً من الدنيا وما فيها، فلأن يهدي الله بك رجلا خير لك من حمر النعم، فأنا مستعد إن شاء الله تعالى.

أخي الحبيب.. إن الإيمان على ثلاث درجات، فهناك إيمان ثابت وهو إيمان الملائكة، وهناك إيمان دائمًا في زيادة وهو إيمان الأنبياء، وهناك إيمان متقلب مرة تجده في زيادة ومرة في نقصان، وهذا هو إيمان العوام من الناس، ولهذا حتى يكون إيماننا به من القوة ما يعيننا على تقوى الله والخوف منه، نحتاج إلى بيئات إيمانية مستمرة ويوميا، فبحسب الإيمان يكبر حبنا للمولى عزَّ وجلَّ ولرسوله وللعباد كلهم، وتأتي أعمال الدين في حياتنا والانشغال بها تباعاً.

قارئي المحب لك، إن المولى عزَّ وجلَّ قال: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ".

فعندما ننظر ونتمعن عزيزي القارئ في هذه الآيات الكريمة، نجد أن الحق تبارك وتعالى خلق كل الإنس لعبادته ولم يستثنِ أحدا أبدًا، فمنذ خلق الله الدنيا إلى يومنا هذا، كم عدد البشر الذين تعاقبوا عليها وسيتكاثرون فيها، فالسابقون هل جميعهم كانوا يعبدون الله، قطعاً لا. فمنهم من كان ولا يزال المشرك والملحد والذي عبد ويعبد الأصنام والدواب والأشجار والشمس والقمر، ومعتنقو ديانات الشرك، فهؤلاء حتى يعودا إلى الله تعالى من لهم يا قارئي العزيز، ألسنا نحن، كذلك إخواننا وأهلنا من المُسلمين المبتعدين عن الله، أليس من واجبنا أن نذكرهم بالله جلّ جلاله، وألسنا أنا وأنت وغيرنا هذا واجب علينا حتى يسلم الجميع من نار جهنم والعياذ بالله.

فالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم كان آخر الأنبياء والرسل، فمسؤولية الدعوة إلى الله ومسؤولية الدين ألا يجب أن نقوم بها نحن حتى نكون جميعنا في جنة عرضها السموات والأرض.

أيُّها القاريء المحب.. الله جل جلاله وتبارك في علاه هو الرحمن الرحيم الواحد الأحد، الفرد الصمد، الحي القيوم الدائم القادر المعز المذل الضار النافع، ليس له مثيل ولا نظير، ولا شبيه ولا صاحبة ولا ولد، ولا والد ولا وزير ولا مشير، ولا عديد ولا نديد ولا قسيم ولا شريك، خلقنا من العدم، فهذا الإله عظيم ومحب لنا، وهو قادر أن يهدي عباده كلهم بدون تدخلنا، وقادر جل جلاله أن يجعلهم على تقوى وصلاح وهداية، ولكنه جلَّ جلاله شرفنا وكلفنا  نحن بهذه المسؤولية العظيمة.

ولطالما نحن تخاذلنا وتهاونا عن هذه المسؤولية وعن التفكر في كل إنسان مبتعد عن الله، ألا نستحي من ربنا جلَّ جلاله أن نأكل من رزقه ونعيش على أرضه وننعم بخيره ومن خيره، وهو يوجه لنا الأمر بأن نكون دعاة إليه ونحن ضاربين بذلك عرض الحائط، أليس هو الذي أنار لنا الدروب ويغفر لنا الذنوب وبالليل والنهار يستر لنا العيوب.

تعليق عبر الفيس بوك