الأجر العادل ضمان لإنتاجية العامل

 

الزهراء الجردانية

محامية

الأجْرُ هو من أهم العناصر في عقد العمل فهو مصدر العامل الأصلي في الرزق وكسب لقمة المعيشة لذا هو حق عليه ولأهميته القصوى تم وضع ضمانات وأحكام قانونية خاصة له فمن الجانب الاقتصادي فإنَّ الأجور هي ثمن قوة العمل وتم فرض الحماية له لكونه مصدر مهم للعامل.

هناك أهمية كبيرة للأجر بالنسبة للعمال؛ حيث إن الحصول عليها هو الهدف الأساسي الذي من أجله تم إبرام العقد، والأجر يؤثر بشكل مباشر على الحالة المعيشية للعامل وأسرته ومن أجل هذا الأمر فرض المشرع حماية قانونية له لأن الأجر يعتبر عنصرا جوهريا في عقد العمل وركنا أصليا من أركانه، والتزام العامل بالعمل يُقابله التزام صاحب العمل بأداء الأجر ولذا أوجبت المادة (23) من قانون العمل أن يتضمن عقد العمل على وجه الخصوص عدة بيانات أهمها أجر العامل الأساسي وأية علاوات أو ميزات أو مكافآت يستحقها بموجب شروط العقد.

المُشرع فرض عدة ضمانات للعمال للوفاء بأجورهم ومنها أن تؤدى الأجور في مكان عملهم وذلك من أجل التيسير عليهم وعدم إجهادهم بالانتقال إلى مكان آخر لاستلام الأجر وكذلك يتم تأدية الأجر في أيام العمل ولا يجوز أن يقع الوفاء به في اليوم المخصص لراحة العمال حتى لا يضطر العامل للذهاب إلى مقر العمل فيكون ذلك على حساب راحته والوفاء بالأجر يجب أن يكون قبل نهاية الشهر ومُعظم الأجور في السلطنة تؤدى شهرياً؛ لذلك إذا تأخر صاحب العمل في تأدية أجر العمال، فإنَّ هذا يشكل خطأ من جانبه وحالة من حالات التَّعسف في استعمال الحق ويتوجب عليه تعويض العامل، كما إن تأخر صاحب العمل في صرف راتب العامل يعد إخلالا من جانبه وحينها يحق للعامل أن يترك العمل دون إخلال بحقه في التعويض وهذا الأمر من المسائل التي تختص بها محكمة الموضوع.

اختيار طريقة تحديد الأجر لا يكون إلا عند اتفاق الطرفين ولا يمكن لأيِّ طرف أن يستبدل ما تَمَّ الاتفاق عليه وكذلك صاحب العمل لا يجوز له أن يستبدل طريقة احتساب الأجر بطريقة أخرى حتى وإن كانت أكثر نفعاً وفائدة للعامل، وهذا الاستبدال والتعديل لا يكون إلا بموافقة العامل.

هذه القضايا يتم بحثها على مُختلف المستويات كل سنة، وتشهد الجلسات نقاشات قوية حول وضع القوى العاملة في القطاع الخاص والتحديات المختلفة التي تواجه الاقتصاد والاستثمار العماني ورجال الأعمال في السلطنة، ودور القطاع الخاص في المرحلة القادمة من حيث توظيفه للكوادر العمانية، وهل فعلاً هذه الكوادر متوفرة وفقاً للتخصصات التي تحتاج إليها المؤسسات والشركات أم لا؟ وأهم تحدٍ يواجهه القطاع الخاص ويتكرر في كل مرة هو ضرورة تبسيط الإجراءات، وإنشاء محطة فاعلة لإنجاز جميع إجراءات رجال الأعمال والمستثمرين.

إذا كانت هذه القضايا تحتاج إلى التغيير والتنمية فلماذا لا يتم الاستعانة بتجارب دول أخرى استطاعت وضع خطط التشغيل الناجحة لها؟

هذه الأمور من المؤكد أنها ستؤدي إلى توفير مزيد من فرص العمل للعمانيين عندما يتم تطوير القوانين وإلزام الجميع بأن يلتزم بها بما فيها فرض ضريبة على معاملات الوافدين، وخاصة جميع الذين دخلوا في مختلف المجالات التجارية بطرق قانونية وغير قانونية، وأصبحوا منافسين للكثير من العمانيين التجار وكل من يعمل في الأعمال الحرة.

يجب التفكير في فرض رسوم أخرى على جميع العمالة الوافدة لتستطيع الدولة استغلال تلك المبالغ في المشاريع الإنتاجية التي يمكن لها استقطاب أعداد كبيرة من العمانيين للعمل فيها والتقليل من أعداد الباحثين عن عمل.

كما يجب تفعيل دور جهات التفتيش والنقابة العمالية وتطويرها من خلال التشديد على المراقبة ورؤية عقود العمل لكل عامل حتى يتم استكشاف الغش والعقود الوهمية غير القانونية مع فرض أشد العقوبات حتى لا يتم التهاون في هذا الأمر.

وفي الختام أطالب الجهات المعنية بوضع معايير خاصة ومحددة لجميع الشركات العالمية الموجودة بالسلطنة بحيث إنها تأخذ نسبة كبيرة من الأيادي العاملة العمانية وتشغيلهم كافة مع فرض الحماية القانونية لهم وكذلك زيادة كفاءة عملهم من خلال إرسالهم إلى الدول الاقتصادية الكبرى حتى يتم تنمية قدراتهم وصقلها وتدريبهم.

تعليق عبر الفيس بوك