المعلمون.. أوسمة على صدورنا

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

 

لعلَّ النَّظرةَ المُباشرة للمعلم أنه ذلك الإنسان الذي يقف أمام تلاميذه ويُلقي عليهم مًحاضرة في مادة معينة وإذا كان للنظرة بعداً آخر فهو ذلك المتمكن من تلك المادة التي يتعمق ويبحر في شرحها بكل دقة ونعم إن كل ذلك صحيح غير أنه لا يعدُ إلا جزءًا؛ بل حيزاً صغيراً مما يجود به المعلم.

ومع الحديث المباشر للمحاضرة نفسها فإن تقبل وحب التلاميذ لمعلميهم يُعد أساسًا لقبول ما يتحدث عنه بصدرٍ رحب وبرغبةٍ أكيدة أما ابتسامته المُتزنة وحركة يديه وإشارات وجهه فهي أيضاً مفاصل هامة في يوميات المعلم، ولكن إذا كان لنا الإبحار إلى آفاقٍ أبعد وأشمل من أعمال المعلم، فلنقف عند التنوع في المنهاج المدرسي والمقررات الدراسية الأخرى والذي يكون للأنشطة المصاحبة فيها مكان أكثر أهمية مثل المسابقات والمشاركات وتنمية المواهب والدعم الفكري والصبر على تصرفات الطلبة المزعجة في بعض الأحيان، والتي هي ضرورة المرحلة؛ فلعل أصحابها يكونون علماً من أعلام الوطن في يومٍ من الأيام ذلك أن مقدرة المُعلم وتهيئته النفسية والفكرية ومعرفته بالتعامل مع مثل هذه الأحداث وتمكنه من إقامة تلك العلاقة الوطيدة الراقية. ومع كل تلك الأحداث، فإن هذا الجزء من عطاء المعلم يعد الأهم وأن قتل المواهب الكبيرة لمجرد التصرفات التي قد نراها غير مناسبة، يمكن أن يكون فيصلاً في مستقبل الأجيال.. فالمعلم هو ذلك المبدع المُتجدد الباحث المستفيد من كل ما حوله للوصول إلى التميز في تلك المهنة الأصيلة لرسالة بني البشر الأسمى المحققة لآمال الدنيا والآخرة، المعلم هو ذلك النور والشعلة المتقدة لتفجير الطاقات وخلق الحماس والتنافس وتوجيه الفكر نحو قمة التميز بين أبنائه الطلبة.

الأمر الآخر والذي لا يقل أهمية؛ بل قد يتعدى كل وصف، هو القدوة الحسنة والمثل الأعلى في كل شيء؛ لأنَّ خصلة التقليد والإيمان بالأب والمعلم لا يُمكن لأيِّ إنسان أن يصف وقعها وتأثيرها على الطفل، فهو يرى الكمال في والده ومعلمه، ولذلك هو كنز المعرفة والهيبة والوقار، وهو ذلك الإنسان الذي لديه حل لكل ما يُمكن أن يصل إليه خيال الطالب، أو أي مصاعب قد تواجهه ومهما كان حجمها، وذلك من منظور الطالب.

ولأنني لم أقف وصفاً عند كل جزء مما ذكرت، غير أنني أتحدث هنا وبكل وضوح وفخر واعتزاز وفي كل ما ذكرت عن المعلم العماني، وإني على ثقةٍ كاملة بأن كل من يتكرم وفي هذه اللحظة بالقراءة، هو على يقين كامل ومطلق بأنني أتحدث عن شخصه الراقي وفي كل شيء، والذي هو أكبر وأعلى في رؤيته وتأدية رسالته من كل المصاعب التي تواجهه في يومه المدرسي وخارجه، ونعم هو الأغلى والأعلى من كل معلم في الدنيا؛ لذلك هُم جميعًا أوسمة شرف على صدورنا نفتخر ونعتز بهم ونقف معهم وفقهم الله.