يوسف عوض العازمي
alzmi1969@
"إن بؤس الأمراض يساوي بيننا، فلا وجود فيه لأغنياء ولا فقراء، ما إن يجتاز أحدنا عتباته حتى تتلاشى الامتيازات ونتحول جميعنا إلى كائنات ذليلة" إيزابيل الليندي.
بعد أيام من فبراير السنة الماضية وبعد بداية تواتر أخبار انتشار وباء كوفيد-19، والأحاديث حول الوباء، حتى أصبحت مدينة ووهان الصينية أشهر مدينة في العالم وقتذاك، أتذكر أرسل لي أحد الأصدقاء رسالة عبر الواتساب عن إجراءات مُتوقعة وغير مسبوقة ستحدث وتغير وجه العالم وحتى حياتنا البسيطة ستتغير رأسأ على عقب!
قال إنَّ الأسواق ستقفل والمساجد ستغلق، والمطارات ستتوقف عن استقبال الرحلات والأعمال الحكومية والخاصة ستتوقف بشكل كامل، وقد يصل الأمر لقرارات حظر تجول في البلاد، وستكون الحركة محسوبة، وسيُواجه النظام الصحي اختبارات (وليس اختبارًا واحدًا) حقيقية قد تؤدي إلى انهيار النظام، إن لم تصدر إجراءات استثنائية، والجيش احتمال كبير أن ينزل الشوارع.. تفكرتُ آنذاك بتلك الأمور المتخيلة وابتسمت مشفقًا على كاتبها!
وحصل ما كتبه بالرسالة وبالحرف الواحد، وتغيَّرت معالم الكرة الأرضية، حتى لدرجة إنه أصبح من النادر أن تشاهد طائرة في الأجواء، ما الذي يحدث؟
أحدهم قال هذه بداية النهاية للدنيا، ثم أكملها وزير الصحة الكويتي الدكتور باسل الصباح أثناء إحدى جلسات مجلس الأمة؛ إذ قال: كورونا مستمرة إلى يوم القيامة!
يالله.. ما الذي يحدث؟!
لا شك أن تصريح وزير الصحة له معانٍ معروفة لكل من تابع تلك الجلسة، لكنه وحسب رأيي أشهر تصريح بشأن هذا الوباء، يقول معالي الوزير الدكتور الشيخ إن الوباء مستمر إلى يوم القيامة!
أحدهم قال لي: يقصد الوزير أن أحزموا الأمتعة فقد أقترب يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم!
بالطبع يوم القيامة وعدٌ إلهيٌ ولا اعتراض، واللهم اجعل هذا اليوم الكبير لنا لا علينا، واللهم اجعلنا من أهل الصراط المستقيم وأهل الجنة، لكن هل معالي الوزير يعلم متى القيامة؟
في الناس من أخذ موضوع الوباء باستهتار وأن "الماسونية" العالمية وراء ذلك، وهناك من أكد أنه لا يوجد وباء ولا هم يحزنون وأن القصة ملعوبة، وأن الحقيقة أنها حرب بيولوجية، وأيضًا هناك من أقسم بأن للمخابرات الأمريكية اليد الطولى في انتشار الوباء، حتى أصغر مهني أصبح يفتي بشأن الوباء، وأصبح الجميع خبيرًا في شؤون كورونا، حتى الأطفال!
جاءت بعدها إجراءات التطعيم واستمرت قصص المؤامرات، وأن التطعيم عبارة عن شريحة يتم زرعها بالجسم للتجسس على الإنسان، صديقي العامل البسيط عبدالسميع أخذ يضحك وهو يقول: "حيتجسسوا على إيه وآلا إيه!".
بالطبع المقال مساحته بسيطة ولا يمكن الاسترسال أكثر عن أمور كثيرة بهذا الأمر لكني سأختصر قدرُ الاختصار، كانت التطعيمات مختلفة، في الكويت كانت فايزر- بيوإنتك وأسترازينيكا-أكسفورد، وعلى جرعتين، وفي دول أخرى كان لقاح "جونسون آند جونسون" وعلى جرعة واحدة، وكذلك لقاح موديرنا إلى جانب اللقاح الصيني سينوفارم. وعلى ذكر سينوفارم هناك دول اعترفت به ودول- الكويت مثلا- اشترطت إجراءات مُعينة بشأنه منها تلقي جرعة ثالثة، وهي علامة على عدم الاعتراف بطريقة لطيفة، ويبدو حتى الآن أن الأمور تتجه للعودة للحياة الطبيعية، رغم بعض الإجراءات المتبعة حتى الآن كاشتراطات المسحات للسفر أو للدراسة أو غير ذلك، وأتوقع إن سارت الأمور حسب مانرى هذه الأيام ستعود الأمور إلى طبيعتها من نوفمبر القادم، والله القادر على كل شيء وبيده الأمر من قبل ومن بعد.
لا شك أنَّ الوباء- أزاله الله- كان مفاجئًا وقلب حياة الناس، وغير طبيعة الحياة، وأتذكر أصبت وأسرتي بالكورونا ومن فضل الله عدت على خير ويسر، لكن حسب ما أسمع وأعلم هناك من تضرر بالفعل وهناك من توفاه الله بسبب الوباء، وهناك من مكث أيامًا وأسابيع بالعناية المركزة، الوضع لم يكن سهلًا، وكان الخطر حقيقيًا، أعلم كغيري بأن هناك بعض المبالغات في التعامل مع الوباء سواء من الحكومات أو الأفراد، لكنه في النهاية واقع وحقيقة، أسأل الله أن يرحم الموتى ويشفي المصابين ويحفظ الجميع من كل بلاء ووباء، ولعل في ماجرى دروس نستشرف بها المستقبل بخبرات أكثر وعزيمة أقوى.
قال تعالى: "قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا" سورة التوبة: 51.