الأمن الاجتماعي و"تسويف" الاستثمار

 

مسعود الحمداني

Samawat2004@live.com

(1)

الوطن ليس مُجرد "قطعة أرض يعيش عليها مجموعة من الأفراد"، كما تعرفها كتب التربية الوطنية.. إنه الحضن الآمن، والحصن الحصين لمن يعيشون فيه، فإذا غابت عناصر الأمن والأمان ـ بمختلف عناصرها ـ أصبح الوطن مجرد تراب نعيش ونموت على أرضه، ولا شيء آخر.

(2)

مرة تلو مرة تلو مرة.. انقذوا المسرّحين والعاطلين من براثن الفاقة، والجوع، والحاجة، والسجن، فكلما تهاون المسؤولون في إيجاد حلول ناجعة وحاسمة كلما كبرت كرة الثلج، وكنست ما أمامها.. لا تتهاونوا في "الأمن الاجتماعي"؛ لأنه صمام سلام وسلامة الدول.

(3)

لماذا تتراجع بعض الشركات الأجنبية عن الاستثمار في السلطنة، هل هناك عيب في التشريعات المحلية؟ أم أنَّ العيب في عقليات المسؤولين عن الاستثمار؟ أم في مسألة التسويق للمناطق الصناعية والفرص الاستثمارية؟ أم في البيروقراطية التي ما زالت ملازمة للمعاملات، فما يتم إنجازه في يوم أو ساعات في دول مجاورة، يستغرق معنا شهورا وسنوات حتى "يطفش" المستثمر ويهرب بجلده إلى بلد آخر أكثر مرونة!!

هناك خلل ما، علينا البحث عنه، وسد الذرائع، قبل أن تهرب رؤوس الأموال والمستثمرون ونجد أنفسنا أمام أزمة كبرى، نحن في غنى عنها.

(4)

تحولت معظم المعاملات الحكومية اليدوية إلى الكترونية، فأصبحت فترة إنجاز المعاملة أضعاف مدة ما قبل التحول!! حتى إن بعض المعاملات قد تستغرق شهورًا، رغم أنه يمكن تخليصها خلال دقائق بكبسة زر.

يبدو أن التعامل أصبح إلكترونيا، بينما بقيت العقليات "خارج التغطية".

(5)

"طريق الباطنة الساحلي" هذا الحلم الذي كلّف الدولة ملايين الريالات، لم يظهر له أي مؤشر على الوجود بعد، تم تجريف الساحل، ونقل السكان، وتغيير بيئة المكان، كما تم تعويض المواطنين، وبناء مناطق سكنية لهم، وتم تصوير المستقبل بأبهى صورة، وتجميل الواقع بأجمل لوحة، وفجأة.. توقف الحديث عن المشروع!

الآن وعلى طول ساحل الباطنة لا تكاد ترى سوى أنقاض البيوت التي تم هدمها، حتى أصبحت مرتعا للحيوانات السائبة، والقوارض. ولم يبق من الماضي سوى ذكريات يرويها الصيادون لبعضهم، ويحكونها لأبنائهم.

يجب أن يُبعث هذا المشروع من مرقده، وأن تسارع الحكومة في استثماره قبل أن تتحول تكلفته إلى أضعاف مضاعفة، فالوقت- كما أقول دائمًا- لا ينتظر، ولا يرحم المترددين.

(5)

بإمكان الاستثمارات الجادة- إذا هُيئ لها المناخ المناسب- ومشاريع طريق الباطنة الساحلي المؤملة، أن تصنع الآف فرص العمل للمواطنين، وتحل جزءًا كبيرًا من مشاكل الوطن، وتساعد بالتالي على بناء أمن اجتماعي متين.. لذا على الحكومة أن تصنع الفرص من خلال المبادرة، وعدم تسويف المشاريع الإنتاجية، والتخلّي عن الحذر الزائد في مجالات الاستثمار الأجنبي؛ لأنه لم يعد لدينا الكثير لنخسره.