أفضل وزارة.. والمهارات المُلحة!

 

محمد بن رضا اللواتي

mohammed@alroya.net

 

الحدث الأبرز الذي شهدته السلطنة حول مُضِّيها نحو رؤية 2040؛ الإعلان عن استراتيجية القطاع الثقافي التي كشفت عنها وزارة الثقافة والرياضة والشباب وأنها بصدد إعدادها شاملة للأهداف والمؤشرات والتي تقتضيها أولوية "تعزيز قيم المواطنة والهوية والثقافة الوطنية".

فهل هذا الإعلان المهم سيكون مُلهمًا لأن تحتذي به بقية الوزارات، لاسيما تلك التي ترزح تحت وطأة البيروقراطية وعدم الإنجاز؟!

هذا السؤال الجوهري يجرنا إلى تساؤل آخر وهو: هل ينبغي أن تتوافر في أصحاب المناصب القيادية؛ سواء أكانوا في مؤسسات القطاع الخاص أم العام، مهارات محددة، بغيابها ستتعرقل مسيرتهم نحو الرسو على رؤية "عُمان 2040" بأمان؟ هذا السؤال يفرض نفسه اليوم كما لم يكن بالأمس، ذلك لأننا ما زلنا لا نستطيع تقييم أداء الوزارات وفق منهج علمي رصين، بسبب غياب الإعلان عن الاستراتيجيات، وعن الرؤية والرسالة والأهداف المنشودة، ومؤشرات قياس الأداء.

السؤال المار آنفًا يُمكن عرضه بطريقة مختلفة وهي: ما المهارات التي يحتاجها مسؤول كبير لأجل أن يقود عمله إلى حيث تتحقق الأهداف؟

يُذكّرُني هذا السؤال بالقيادي الذي حاز على لقب "قائد القرن"، إنِّه Jack Welch صاحب نموذج 4E للقيادة، والذي كان قد ترأس شركة "جنرال إلكتريك" عندما كانت قيمتها السوقية لا تتجاوز 12 مليار دولار، فأوصلها إلى 230 مليار دولار، بعد أن دخل في حرب مع الأُطر التقليدية للعمل، وسرَّح في هذه الحرب العديد من رؤساء الأقسام والمسؤولين وأتى بآخرين اشترط فيهم 4 مهارات ثم أضاف الخامسة لاحقًا، وكانت تلك المهارات:

الأولى: أن يكون مُمتلئًا بالحيوية بحيث يظهر هذا النشاط في أدائه أمام الجميع، هذا يعني أنَّ القعود في الغُرف المغلقة لن يجدي.  

الثانية: تحفيز الآخرين وجعلهم يبذلون أفضل ما لديهم. المُذهل أن موقع "هرافارد بيزنيس ريفيو" نشر على صفحته أهم المهارات القيادية المُلحة جدًا، والتي نحتاجها في الشخصيات المسؤولة، وقد احتل "تحفيز الآخرين" الصدارة من بينها.

الثالثة: اتخاذ القرار الصحيح مهما كان صعبًا. يحدث أحياناً أن يجد المراجع نفسه يتنقل من وزارة إلى أخرى، وكل واحدة ترجعه إلى أختها!  

مُؤخرًا حدث هذا مع فئة ممن كانوا يتابعون سبب عدم السماح بفتح نشاط (توعوي وثقافي) في الوقت الذي تمَّ فتح كل شيء آخر تقريبًا، باستثناء إقامة صلاة الجمعة، بحثًا عن سبب منطقي لعدم إجازته، رغم عدم وجود أدنى علاقة له بالصلوات اليومية بأنواعها، فعند مُقابلة الجهة المعنية، يجدون أنها ترمي قرار المنع على وزارة مُحددة، والتي كانت ترميه بدورها على تلك الجهة المعنية!

لقد عملتُ في فترة مُعينة مع رئيسين تنفيذيين لشركتي تمويل كبيرتين، أحدهما كان منهجه هو أنه يجب العودة إلى نقطة الصفر مجددًا إن كُنَّا قد مضينا في الطريق الخاطئ، مهما كُنَّا قد أنفقنا من مال في ذلك الطريق أو بذلنا من مجهود وصرفنا من وقت. بينما الآخر كان يتبع منهجًا موجزه أننا وبعد أن خطونا- وإن خطوة واحدة في الطريق الخاطئ- فلا مجال للرجوع عن الاستمرار فيه بتاتًا حفاظا على سمعتنا، فلنمضِ فيه ونرى أين يوصلنا!

إذا كُنَّا قد أخطأنا في اتخاذ قرار، فلنقم بتصحيح الخطأ فورًا.

الرابع: تحويل الأفكار إلى أفعال. وفي هذا الصدد، هناك "شائعة" تقول إن إحدى الوزارات ذات الأداء الضعيف، عهدت إلى مؤسسة تدقيق وتغيير عالمية لكي تعيد بناء هيكلها التنظيمي، وبعد أن قضت هذه المؤسسة العالمية وقتًا طويلًا في أروقة تلك الوزارة، خرجت بمقترح تغييري شامل، إلّا أنَّ الجميع رفضه، من أصغر موظف في تلك الوزارة إلى الأكبر، الكل اتفق على رفض التغيير!

بالطبع، هذه شائعة ليس إلا!

لكن ما ليس كذلك هو أن المواقع القيادية في حاجة إلى مهارات محددة، فبغيابها سيكون المُضّي إلى الإمام صعباً.