د. خالد بن حمد الغيلاني
@khaledalgailani
مهما طال البعد؛ فالعودة لا بد منها، ذلك أنَّ رحمة الله تبارك وتعالى واسعة، وفضله على عباده دائم لا ينقطع، أكثر من عام ومدارسنا موحشة، لا حياة فيها، ولا روح تسري بين جنباتها، ولكن ها هو عامنا الدراسي الجديد قد شمّر عن سواعد الجد، وها هي مدارسنا قد شرّعت أبوابها لاستقبال فلذات الأكباد، وعماد الوطن، ووجه مستقبله، ها هي المدارس وقد سرت الحياة فيها من جديد، وقريباً جداً نسمع جرس الطابور مؤذناً بيوم دراسي، وعام لابد فيه من الصبر والمثابرة فليس ككل الأعوام هو، سيبدأ الطلاب هتافات الصباح وستعلو الأصوات مع شموخها المعهود، وعلوها الدائم منشدة نشيدنا السلطاني الذي لا زال صداه يتردد بين جدران المدارس لتصدح به الحناجر من جديد، وتبدأ حصصنا الدراسية.
الحصة الأولى: وزارة التربية التعليم ممثلة بديوانها العام ومديرياتها المختلفة ودوائرها المتعددة ومكاتبها المنتشرة في ربوع الوطن؛ هذا عام دراسي له وضعه الخاص، واحتياجاته الحساسة، فليس كما سبقه من أعوام، ولن يكون كما سيأتي بعده، وخصوصيته التي لا تخفى عليكم تتطلب منكم جميعاً على اختلاف مهامكم واختصاصاتكم جهدا مضاعفا، وعملا مضنيا، فلا مجال لأي خطأ، ولا مناص من أي مسؤولية، ولمعرفتي بكم فعهد العمل لا زال قريباً، أعلم حرصكم ومحبتكم وسعيكم ليكون عاما دراسيا ناجحا مكللا بالتوفيق والسداد، ورجاء المحب أن يكون وجودكم في الميدان مستمرا ودائما، فهذا سبيل الإنجاز، وغاية البلوغ وأوجب الواجب.
الحصة الثانية: إدارات المدارس والقائمون عليها، بدأتم جهدا واضحا، وسعيتم سعيا محمودا، وعدتم إلى حيث محاريب العلم والمعرفة، وأنتم يا من عليكم مناص أمر الطلاب وإليكم مسؤولية الحفاظ عليهم لقربكم منهم ومباشرتكم إياهم، والأمر له ظرفه الخاص، ولا بد من جهد استثنائي يستمر طوال العام الدراسي بذات الحماس من يومه الأول إلى بلوغه نهايته، حماسة لا تفتر أبدا، وعملاً لا يغفل عن شاردة وواردة، وهذا رهن بتعاونكم وصبركم وحسن صنيعكم، فكونوا كما أنتم دوماً عند الموعد وعلى العهد.
الحصة الثالثة: يا من بيدكم زمام الأمر، وبكم يبدأ ويختتم، المعلمون والمعلمات، ورثة الأنبياء، ومرتكز التعليم، ومعول العمار لهذا الوطن الغالي، بكم يقوى الطلاب ويشتد ساعد بذلهم، ومن خلالكم تحفظ الأمانات، وتصان العقول، ويبني الوطن رجاله، أنتم أهل لكل فضل ومكرمة، والأمر شديد، والمتطلب مضاعفة الجهد وزيادة البذل، والالتفات للطلاب التفاتة حنو ومحبة، مع توجيه وإرشاد، ومُتابعة مستمرة، فلا سبيل لأي رجاء إلا بكم، ولعمري أنتم مصابيح الدجى ونور الوطن، وعليكم صعب أحواله، وإليكم منتهى آماله.
الحصة الرابعة: ميزان اعتدال الأمر، وناحية استمرار العطاء والبذل، أولياء الأمور من آباء وأمهات، الله الله في الأبناء فهم الأمانات المصونة، والدرر المكنونة، فلا تضييع، وقفوا مع المدارس صفاً واحدًا، يكمّل النقص، ويعين المدارس، ويشّد من أزر القائمين عليها، ذلك أن الهدف واحد والغاية واحدة، ولابد بعد قيام كل صاحب دور بدوره، أن نعين بعضنا، ونتعاون تعاونا لا إخفاق فيه، ولا شائبة تعتريه، تعاون من يرجو عزة الأوطان، وحفظ المستقبل وبناء جوهر الوطن.
الحصة الخامسة: من بهم ترقى عُمان، وتباهي الزمان، لهم تيسّر الأمور، ويبذل الغالي والنفيس، طلابنا من بنين وبنات، عليكم في هذا العام واجب كبير، وعمل يتطلب جهداً مضاعفاً، فأول العمل حفظ أنفسكم وصيانتها والمداومة المُستمرة على ذلك، ومن ثمَّ الطاعة لمن وجب لهم الطاعة؛ طاعة من يرجو رضا المولى تبارك وتعالى، وخير الطاعات طاعة الوطن، وهذه والله طاعة محمودة وغاية مأمولة، وطاعته بتحصيل العلم النافع، والسعي لتكونوا دوماً بين المجيدين المتفوقين الباذلين الناجحين نجاحا تقر به العين، وتسعد به النفس، ويرقى به الوطن.
الحصة السادسة: وهذه خاصة لذوي البصائر والقلوب الرحيمة، لكل سائق حافلة، ومشرف ومشرفة عليها، لكل حارس مدرسة، لكل عامل وعاملة، لكل صاحب جهد مبذول، عليكم أمانة عظيمة، وبين أيديكم ثمرة الفؤاد، ومنتهى المراد، فالله الله فيما استودعكم الناس، فلا مجال لإهمال أو تقصير لا تحمد عواقبه، ولا عذر لغفلة تعقب ندماً وحسرة، فالمتابعة والاهتمام؛ لابد منهما في كل وقت وحين، ولابد من حفظ الأمانة. بهذا تنالون رحمة ربكم، فإن ضيعتم أو قصرتم كان الله تعالى خصيمكم ثم الناس، فأين المفر لرجل أو امرأة كان الله جل وعلا خصمه يوم لا تنفع الأعذار ولا مجال للاعتذار، فالحفظ الحفظ.
الحصة السابعة: لمؤسسات الدولة الأخرى والقطاع الخاص وأصحاب الخير، دوركم لا يقل أهمية عن أي دور تقوم به الجهات ذات العلاقة المباشرة بالمدارس، وعليكم واجب عظيم، فالدعم والمساندة كل وفق اختصاصه ضرورة، وإعطاء المدارس فيما تحتاجه منكم أولوية واهتماما خاصا ضرورة، مد يد العون للطلاب ذوي الحاجات الخاصة والظروف الخاصة والمتطلبات الخاصة ضرورة قصوى، فلا خير في مؤسسة لا تبذل جهدها لضمان سير العمل بالمدارس كما يجب، ولا خير في أهل الخير إن لم يرعو الطلاب الذين حالت ظروف أهلهم دون استكمال حاجاتهم من ملبس وأدوات ولوازم فهذا ميدان بذل وتنافس؛ فأروا الله تعالى منكم ما يحب ويرضى، وأروا الناس ما تقر به العين وتسعد به النفس وتصان به الكرامة.
الحصة الثامنة: يا أبناء عُمان هذه مدارسنا قد استعدت وأعدت عدتها، فعليكم بعونها، ولو بابتسامة شكر وثناء، فلا لوم ولا عتاب ولا خصومة ولا تشهير، حتى يستقر الأمر وتمضي ساعات العلم والعمل كما تحبون وترجون، فإن كان لكم رأي أو نصيحة أو توجيه أو ملاحظة فالمكاتب مفتوحة أبوابها والقلوب متقبلة رحبة واسعة لكم، ومن الشكر خفض الجناح ولين الجانب، ومن الوفاء البذل والمساعدة، ومن حسن الجميل؛ جمال القول والفعل.