إن كان ولابُد.. فالعودة آمنة

خليفة بن عبيد المشايخي

khalifaalmashayiki@gmail.com

 

 

مما يستريح منه الإنسان في دنياه أن يتحقق له شيء جميل، ومن الجمال عندما يلامس الإنسان راحته ويتحصل عليها إن كان بعد جهد جهيد أو صدفة، ينبغي أن لا ينسى مُسببها وموجدها ومعطيها وهو الله تبارك وتعالى.

ولا شك أنَّ الإنسان بطبعه يحب أن يعيش سليمًا من الأذى، معافى من أي ابتلاء، ولكن هذا لا يحدث للآدمي مرة واحدة، لأن دوام الحال من المحال، وطبعاً أي حال نكون عليه فدوامه واستمرارنا فيه وعليه مُستحيل. فإن لم يكن زائلًا عنَّا بسبب المرض الذي هو من عند الله تعالى، فإنَّ ثمَّة أحداثًا وحوادثَ وأهوالًا ومصائبَ وابتلاءات ستُغير من النمط السائد الذي كنا نعيشه، ناهيك عند تقدمنا في العمر، فإنه نفقد تدريجيًا الرغبة في الملذات والمحبوبات والمرغوبات، نتأهب في ذلك لريب المنون يتخطفنا، وهو الموت وتوديع هذه الفانية ومن فيها لنا وعلينا.

وعليه فإن الأبناء نعمة من نعم الله الكثيرة علينا، فنحن أبناء لأبوينا، وصرنا بحمدالله وتوفيقه آباءً لأبنائنا، فهكذا هو شأن عجلة الحياة ماضية على نفس النظام والوتيرة، فهذا مولود وذاك مفقود، وهلم جرا.

وبالحديث عن الأبناء فإنهم كما تعلمون أمانة لدينا، كما نحن أمانة مع ولي أمرنا، فحبنا لأبنائنا يولد حرصنا عليهم بألا يمسهم سوء أو ضر، وحبنا لهم يولد الخوف عليهم، حتى قراراتهم وأفكارهم وتوجهاتهم، وحبنا لهم يدفعنا إلى الاهتمام والاعتناء بهم بصور مختلفة، ويقودنا إلى درء المفسدة عنهم، وجلب المنفعة لهم.

وفي خضم ما نعيشه اليوم من تفشٍ لمرض كوفيد 19، وتحوره وتشكله، فإن الحكومة تتجه بعد أيام إلى عودة فلذات أكبادنا إلى المدارس، هذه الكوكبة وهؤلاء الصغار عليهم بعد أيام أن يعودوا إلى مقاعد الدراسة، وعليهم أن يلتحقوا بالمدارس التي غابوا عنها قسرا، وعليهم أن ينتظموا في الفصول والصفوف، وقبلا سيكونون في حافلات المدارس التي توصلهم إلى مقار تعلمهم، وإلى أماكن طلب علمهم، ولا شك أن الحافلات ستشهد اكتظاظًا وفوضى وحالات مُفاجأة.

حقيقة أقول إنه عند عودة أبنائنا الطلبة إلى مدارسهم، أعان الله أولياء الأمور، فالأحوال ليست كما كانت، والأوضاع ليست مثل كنا نذكرها وتركناها، إذ إن ولي الأمر الفقير الذي لديه عدد من الأبناء سينتظمون في المدارس، قد يتكلف الكثير والكثير من المصروفات والمشتريات والحاجات اللي تخص أبناءه الطلبة، وتعنى بمستلزماتهم الدراسية، فتوفير المؤونة في بيته لهم بشكل كافٍ حتى حينما يذهب أطفاله إلى مدارسهم، يكونوا في وضع مريح وفي أحسن حال، سيكون همه وفكره ونهجه وديدنه، وقد لا يتوافر عنده.

وطبعاً هذا بنفسه هم للإنسان الفقير البسيط، وقس على ذلك الانتظام لهم في أمور أخرى كنقلهم والذهاب والعودة بهم من مدارسهم، ومتابعتهم بوسائل وطرق مختلفة، ومع هذه المعاناة التي ستصيب الفقير، هناك أمر آخر قد يؤرقه، وهو كيف سيكون أبناؤه في مدارسهم، هل سيكونون في مأمن من هذا المرض والوباء، وماذا عن التدابير والإجراءات الوقائية التي اتخذتها وزارتا التربية والتعليم والصحة لسلامة أبنائنا.

أقولها صراحة الضنى غالي وعزيز ولا يسرنا أن يمسه ضر أو سوء أيا كان نوعه وماهيته، فكل أب يدرك معنى ذلك وأهمية أن يكون أولاده سالمين في مدارسهم وفي أي مكان يتواجدون فيه.

ومن هنا أناشد وزارتي التربية والتعليم والصحة إن كان الأمر فيه تخوف وقلق من حيث عودة الطلاب إلى مدارسهم، فنصيحتي أن لا تتم المخاطرة بفلذات الأكباد ورجال المستقبل وصناعه وقادته، وأدعو إن كان ولا بُد من عودة الطلاب إلى المدارس، أن تكون هناك إجراءات مضاعفة اتخذت لحماية أطفالنا من عدوى هذا الفيروس، مع التسليم بأنَّ الحافظ هو الله تعالى، ولا شك في ذلك.

إلا أن دراسة هذه الخطوة وتقييمها يجب أن يأخذ اهتماما أكبر وحيزا أشمل من المراجعة، لأنه بعد ذلك "يا ليت"- كما يقال- لا تعمر بيتًا، ولا نرحب بأن نسمع هنا وهناك عن تفشي هذا المرض في مدارسنا وبين أبنائنا الطلاب، فأبناء عمان أمانة لديكم، وكل الطلاب هم أبناؤنا وأحبابنا، وخوفنا على جميعهم، كخوفنا على أبنائنا من النسب والدم.

حفظ الله عمان وأهلها من كل سوء وشر، ونأمل أن يكون هذا العام الدراسي الجديد خالياً من المشاكل والأمراض والأوبئة، وأن يكون أبناؤنا في أمان وسلامة، والله يحفظ الجميع من كل مكروه.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة