حلقة الميزان في أمن واستقرار الخليج

 

ناصر بن حمد العبري

 

ترتبطُ سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية بعلاقات أخوية وطيدة وتشهد العلاقات الاقتصادية بين عُمان والسعودية مزيدًا من النمو عامًا بعد عام، ولعل تدشين الطريق البري لحركة التجارة بين البلدين سيكون له إنعكاسات إيجابية كبيرة على مجمل العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

ولقد كانت العلاقات الوطيدة التي تجمع سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية- وما زالت- تمثِّل حلقة الميزان في أمن واستقرار الخليج، واليوم تبرز حالة من التقارب والتطابق في وجهات النظر بين مسقط والرياض في ملفات عدَّة سياسية واقتصادية وأمنية، وترسم تلك الملفات المشتركة أبرز العناوين في مستقبل المنطقة، لاسيما مع إنشاء رابط اقتصادي وشريان حيوي مهم بين البلدين يتمثل في الطريق البري الرابط بين السلطنة والمملكة الذي يختصر المسافات بين الشعبين ويعزِّز التواصل التجاري بين البلدين ويشجِّع الاستثمار بينهما ويفتح منافذ عدَّة متبادلة، وكانت الزيارة التي قام بها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله- إلى السعودية، لها أهمية محورية في توقيت بالغ الأهمية لدفع مسيرة التعاون المشترك خطوات للأمام، بحكم العلاقات القوية بين البلدين ولمصلحة المنطقة بأسرها.

وعقب الزيارة التاريخية لجلالته إلى المملكة، تم توقيع العديد من اتفاقيات التعاون الثنائي في مختلف المجالات، إيذانًا بانطلاق مرحلة جديدة من الشراكة الاقتصادية، وتحقيق النمو المستدام بمعدلات مرتفعة، والعمل على إيجاد مزيد من فرص العمل، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ورؤوس الأموال لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام في إطار رؤية البلدين، بما يُعزز تأسيس علاقات اقتصادية متكاملة. وفي هذا الصدد، أشير إلى ما صرح به معالي الدكتور سعيد الصقري وزير الاقتصاد قائلاً إن السلطنة والسعودية تبدآن مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، تحظى بدعم قيادة البلدين وحرصهما على تعزيز علاقات التعاون الثنائي، لما فيه مصالح البلدين والشعبين وأشار معاليه إلى أن تدشين الطريق البري الجديد سيؤدي إلى خفض تكلفة شحن الواردات والصادرات وتقليل تكلفة النقل، ويسهل التواصل بين الأفراد والمستثمرين، وسوف تشهد الأيام المقبلة افتتاح الطريق البري بين المملكة وسلطنة عُمان؛ حيث سينشط التعاون والعلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين الشقيقين وسيسهل الكثير من الأمور، وينشط العديد من الجوانب المهمة لكلا البلدين، ويعد الطريق الرابط بين المملكة وسلطنة عُمان طريقاً استراتيجياً وهو طريق مباشر عبر الربع الخالي ومباشرة من الأراضي العمانية من شمال السلطنة إلى الأراضي السعودية ويختصر مسافة 800 كيلومتر وهذا في حد ذاته يعد تطورا نوعيا كبيرا وتسهيلا للبلدين في كافة المناحي الحياتية.

لكنَّ الطموحَ يتعدى ذلك، فقد شهدَ البلدان حَراكا اقتصاديا مشتركا تم من خلالِه مناقشةُ إقامةِ السعودية لمنطقةٍ صناعيةٍ في عُمان يتمُ ربطُها بالموانئ العمانية ويقومُ الجانبُ السعوديُ بتطويرِها وتشغيلِها وإدارتِها لتصديرِ ما يلزمُ تصديرُه إلى الخارجِ بسهولة، واستفادةِ السعودية من المنتجاتِ التي تحتاجُها بسهولة عبرَ الطريقِ البري.

وبرزت خلال الآونة الأخيرة فرص استثماريةً للجانب السعودي والعماني في قطاعاتِ التطويرِ العقاري والصناعةِ والسياحةِ والثروةِ السمكية والطاقةِ المتجددة والبتروكيماويات من خلالِ مجلسِ الأعمالِ السعودي العماني وعددٍ من أصحابِ الأعمال، وتم تشكيلُ فرقِ عملٍ تشملُ كافة القطاعاتِ الواعدة التي أبرزُها القطاعُ السياحي والنقلُ البحري والصناعاتُ التحويلية.

إنني على قناعة بأنَّ الطريق البري المباشر سيسهم بعد افتتاحِه في زيادةِ حجمِ التبادلِ التجاري والاستثماري بين البلدين، مسهلا وصول البضائعِ السعودية برا إلى موانئِ السلطنةِ ومناطقِها الاقتصاديةِ الحرة الواقعةِ مباشرة على بحر العرب كميناءي الدقم وصلالة، وفي الوقت نفسه لا يمكن إغفال دور هذا الطريق في تسهيلِ حركةِ مرورِ الحجاجِ والسياحِ بين البلدين، وكلنا أمل في بدء علاقات جديدة بين السلطنة والشقيقة السعودية بما يخدم المصلحة العامة للبلدين في شتى المجالات.