نحو اقتصاد وطني واعد

 

سالم البادي (أبو معن)

 

مع توالي عقبات الأزمة الحالية، لا بد من اجتيازها بالتصدي لآثارها وتداعياتها، والعمل على فلترة أسبابها.

ولنطبق ذلك لابد أن تتماشى ورؤية عُمان2040، نحو إيجاد روافد اقتصادية جديدة لخزينة الدولة باتباع أساسيات حتمية لابد منها وهي كالتالي:

أولا. صناعة السياحة:

ومن أولوياتها الاستفادة من التاريخ الوطني، والتراث القومي، والموروث الشعبي، إضافة إلى استغلال المواقع الطبيعية، المتمثلة بالشواطئ والأودية والجبال والكهوف وغيرها، والتي تعتبر من المقومات الأساسية لصناعة سياحة محلية وإقليمية ودولية بمعناها الحقيقي، وتصبح فعالة وذات تأثير ومعنى حقيقي آخذين بعين الاعتبار أن مقومات السياحة الأساسية بالسلطنة متوفرة بما حباها الله تعالى من التنوع في طبيعتها ومخزونها الفكري والتاريخي وإرثها الحضاري الضارب في جذور التاريخ، فقط تحتاج هذه المقومات لبلورة وتطوير ضمن الإمكانيات المتاحة ليتسنى لها استيعاب الحركة السياحية المقبلة.

ثانيا: التركيز على الثروات الزراعية والحيوانية والسمكية باذلين أقصى الجهود لمواجهة كافة العوامل التي تؤثر على نسبة الخسائر الاقتصادية في إنتاج القطاع الزراعي والحيواني، واتباع كافة طرق الوقاية والحجر الزراعي والتقنيات الحديثة، مع الأخذ في الاعتبار الاهتمام بالبحوث العلمية الحديثة والمتعلقة بتطوير القطاع الزراعي والحيواني والسمكي، وزيادة التركيز على الاستزراع السمكي كونه يعتبر من الثروات الاقتصادية المهمة للدولة، والعمل على تشجيع أصحاب مهن الصيد والزراعة وتربية الحيوانات، وتحفيزها من خلال الدعم المعنوي والمادي والبحثي من أجل إيجاد بيئة جاذبة لهذا القطاع الحيوي المهم، وحتى يأخذ هذا القطاع نحو التطور وزيادة الإنتاج لسد احتياجات السوق المحلي والإقليمي.

ثالثا: الولوج إلى التنوع والتعدد في الموارد المعدنية بالسلطنة، كالكروم والمنجنيز والحجر الجيري والنحاس والذهب والفضة والرخام وغيرها من المعادن، والعمل على الاستفادة منها كمساهمة في إنشاء صناعات تستثمر فيها تلك المعادن على نحو يدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال الناتج المحلي وزيادة الأيدي العاملة ولتشكل رافدا اقتصاديا حقيقيا.

رابعا: الركيزة الأساسية؛ وهي الموقع الجغرافي، حيث تقع السلطنة جنوب غرب آسيا في أقصى جنوب شرق شبه الجزيرة العربية، ولديها مضيق هرمز الذي يعتبر ممرا بحريا إقليميا وعالميا مهما، حيث يمر من خلاله ثلث صادرات العالم من مصادر الطاقة، وهذا الموقع قد جعلها تتمتع بمكانة إستراتيجية وانعكس ذلك في علاقاتها الخارجية التجارية مع الدول الأخرى، فأصبحت السلطنة مركزا تجاريا بحريا مزدهرا نشطا، لذا أصبح بحاجة ماسة كل فترة لتطوير الموانئ البحرية وزيادة طاقاتها الاستيعابية لتصبح قادرة على القيام بدورها الريادي في حركة التجارة الإقليمية والدولية البحرية، وبذلك تصبح رافداً مهمًا من روافد الاقتصاد الوطني.

خامسا: زيادة التركيز على قطاع الخدمات اللوجستية بكافة أنواعها، والذي يلعب دورا محوريا وفعالا فيه موقع السلطنة الجغرافي الاستراتيجي المميز؛ فقطاع الخدمات اللوجستية له دور لا يقل أهمية عن بقية القطاعات في السلطنة ويعتبر من أفضل القطاعات الجاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي، وهو وسيلة لتنويع الاقتصاد بكافة طرقه البرية والبحرية والجوية، إضافة إلى تطوير قطاع الشحن الجوي ليتواكب مع الزيادة المتسارعة للطلب في عمليات الشحن الجوي.

سادسا: البحث العلمي والابتكار، والذي يشار إليه في العصر الحديث كعنصر قائم ومساهم مهم في حركة التنمية وعلى أساس متين ومرتبط بكافة القطاعات لتنميتها والعمل على ازدياد ناتجها، فمن خلال البحث العلمي والابتكار تتم معرفة الأسباب والعوامل والتداعيات والطرق والوسائل المختلفة، وإيجاد الحلول والبدائل المناسبة بالطرق العلمية المتطورة والحديثة والمبتكرة، مع الأخذ في الاعتبار المبادرات الفردية الجيدة، لتأتي بثمارها بالأفضل والمتقدم دون تراجع من أجل الوصول إلى ناتج قومي جيد وعلى كافة الأصعدة.

مما سبق سرده ومن خلال الوصول إلى الحكومة الإلكترونية مكتملة الأركان، ستتمكن السلطنة من توفير آلاف المهن والوظائف للمواطنين وستوفر بيئات علمية وعملية نشطة للقطاع الخاص بما فيها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وبذلك تأخذ بالاقتصاد الوطني نحو مسار النجاح والازدهار وصولا إلى الوفرة في الخزينة العامة للدولة، والتحلل من كل عقبة قائمة سببت الأزمات والعقبات.

إنَّ العمل على تنويع مصادر الدخل القومي له أهمية عظمى تنعكس آثارها على قوة اقتصاد الوطن وتعزيز الأمن والاستقرار، وضمان لمستقبل الأجيال القادمة بإذن الله تعالى.