لن تكون بطلًا!

 

راشد بن سباع الغافري

يحدث أحيانًا أن تُقلب المفاهيم لدى البعض رأساً على عقب؛ فيرون الحق باطلا، والباطل حقاً والصواب خطأ والخطأ صواباً، وبتلاطم الحياة من حولنا وبتسارع ما أنتجته. ظهرت نتائج غير محمودة لذلك الفهم أثرت سلبًا على المجتمعات.

فعلى سبيل المثال فإنَّ الفهم المقلوب للبطولة والشجاعة جعل كثيرا من هؤلاء يرتكبون حماقات، ويقومون بتجاوزات، ويتنصلون من مبادئ وأخلاقيات.

أن تُعرقل معاملات الآخرين وتجعلهم يترددون على مكتبك، ويكررون عبارات الترجي وكلمات التبجيل لشخصك كي تقوم بتخليص معاملتهم دونما داع لذلك التأخير، ودونما شرعية قانونية له؛ فهذا لا يجعلك بطلا في نظرهم، وإنما شخصا مغضوبا عليه من قبل أفراد المجتمع جميعا، وأصحاب المعاملات خصوصا.

أن تستغل وسائل التواصل لسب هذا وشتم ذاك وازدراء الآخرين والتقليل من مكانتهم؛ هذا لا يجعلك بطلًا وإنما شخصاً متجاوزا للقيم والخلق النبيل، متخلياً عن تعاليم دينه وأخلاق مجتمعه وآدابه، وهذا مما يوجب توقيع العقوبة عليك.

أن تخل بالنظام العام وتنتهك القوانين والتشريعات، وتعمل على الإثارة السلبية وبث الفتن؛ فهذا لا يجعلك بطلا في أعين الناس وإنما شخصا مُساءلا أمام القانون، وقد تصبح على ضوء ذلك من المسجونين أو المحكومين بأحكام قضائية تؤثر عليك سلباً في المستقبل، وعلى حياتك الأسرية والوظيفية.

أن تظلم الموظفين وتتعامل بمكيالين، وبمبدأ هذا من شيعتي وهذا من عدوّي؛ فهذا لا يجعلك بطلا في نظر الموظفين أو المتعاملين مع المؤسسة؛ وإنما يضعك في خانة الظالمين الذين يستحقون لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

أن تحتقر أبناء مجتمعك وتقطّع الصلات مع أهلك ومع من حولك، وتتعالى على الضعفاء وتتجاهل مصالحهم؛ هذا لا يجعلك بطلا في أعينهم؛ وإنما شخصا ممقوتا مذموما منبوذا؛ وسيرتد عليك ذلك عاجلا أو آجلا وستندم حيث لا يجدي ندم.

أن يرزقك الله حرية التعبير والقدرة على إبداء الرأي في وطن يكفل قانونه لك ذلك وينظمه؛ فهذا لا يعني أن تتجاوز تلك الحرية، وتعتدي على رموز وطنك وعلى حريات الآخرين؛ ولا يعني ذلك طرح سفاسف الأمور وتوافهها في وسائل التواصل؛ فذلك التعدي وذلك الطرح الهابط لا يجعلك بطلا في أعين الناس وإنما قد يجعل منك أضحوكة بمرور الوقت؛ ويجعل منك عبرة لمن يعتبر.

أن تقدم النظرة السلبية عن وطنك، وتعمل على بث روح الانهزامية، وتقلل من قيمة الإنجازات فيه وتقزمها؛ فهذا لا يجعلك بطلا في نظر المُتلقين؛ لأن التاريخ لا يُعطي البطولة للانهزاميين، ولا لأولئك الذين تاجروا بأوطانهم؛ فراجع حساباتك جيدًا قبل أن يجعل منك الزمان واحدًا من باعة الأوطان.

ختامًا.. إنّ التاريخ يخلّد من تميّز في عمله إما بخير أو بشر، ففاعل الخير سيُخلّد اسمه ليترحم عليه الناس إلى يوم يبعثون، وفاعل الشر سيخلّد اسمه ليلعنه الناس إلى يوم يبعثون، فدع عنك البطولات الزائفة والمفاهيم الخاطئة، وعش تقيا نقيا محبا لوطنك ومجتمعك، حريصا على المعاني والقيم الإنسانية التي تخدم البشرية جمعاء؛ بمثل هذا فقط تكون بطلا في نظر نفسك وفي نظر الآخرين.

تعليق عبر الفيس بوك