سمات الشعوب

 

عائض الأحمد

السمة تعني عند أحدهم ما يعلق بفكرك أو مشاهدتك البسيطة، ثم تطلقها كواقع على بلد أو فئة وتروج لها بأن هؤلاء "يأكلون لحوم البشر" وكل ما لديك خمسة أيام قضيتها بينهم متنقلاً بعد منتصف الليل، في وقت هجوع النَّاس ونفلات أشباههم، ثم تطلق وسمك بأنهم كذا وكذا.

وكأنك باحث قضى سنوات عمره يدرس سلوكهم ويحلل علاقاتهم الاجتماعية معايشاً لها بواقع يومي متواصل لتستطيع إصدار حكم مطلق بأن هؤلاء القوم "ينامون مفتوحي الأعين" أو يحرمون الأكل "بالملعقة" بحكم أنها منتهى ثقافتك وعلمك.

استشهد بكلام أحدهم كما يقول هؤلاء "البدو" لن تستطيع الأكل معهم في إناء واحد، سيأكلون يدك.

إن تعدد وسائل التواصل واتساع دائرة المتحدثين سلبا أو إيجابا جعلت من الكل متلقياً أياً كان المحتوى وقد نتفق وربما نختلف ولكن أن "نردح" لبعض لمجرد فعل قام به فردٌ من هنا أو هناك ونتبادل التهم والشتائم هنا علينا أن نتوقف ونسأل لماذا؟ الغريب أن البعض يحكم على شعب كامل من خلال عاداته وتقاليده المتوارثة، وكأن علينا أن نكون نسخة منه ليرضى عنَّا ويجعلنا في عالمه الأول.

ولا شك أن التعالي والتصنيف والذهاب إلى ما هو أبعد من مكانتك، سلوك مشين لا يُمكن لك أبدا أن تضع رؤيتك وانطباعاتك الشخصية، وتحكم بها بيئة وردود أفعال أناس مختلفي الأعراق والأديان والثقافات، ثم تجعلهم على قلب رجل واحد.

كما إن غوغائية المعرفة وانحدارها وربط أفكارك الباطنية بها واستعلاء جنسك ونطفتك النقية، وحديثك الدائم زعماً بأنك من سلالة الانقياء يجعلك أضحوكة عصرك، أنظر وتأمل صفاقة أفعالك وترحم على من أوصلك، واستخلفك فيها راعيا، لا مالكا أو مملوكا.

من نوادره عندما قرر الهجرة، شد الرحال إلى أقرب موانئ بلده، وأثناء انتظاره وجد "جدته"جالسة على الأرض تمد يدها فما كان منه إلا أن وضع كل ما يملك في يدها ثم توارى خارجًا، وهو يحتسب الأجر لعله كما قال أعادها إلى وطنها وفي اليوم التالي وجدها تمد يديها ورجليها وقد اتخذت من ركن أحد المتاجر مقراً لعملها، فأصدر تنهيدته الشهيرة أي قبح فعلته "جدتي" البستك ثوبها حباً وكأنها هي، فسلبت مني أمل حياتي، وجعلتِ حلمى صفقة مهرج، يرمي ببقايا ماعافه البشر، فمن أي شعب ورثتِ كل هذا "النصب".

أصدر حكماً بأنها وريثة مكر وحيله، وأكده فردا واحد خلفه مئات البشر يمقتون أفعالها ويستنكرونها، حتى لو كانت شبه جدتك.

الغرائز تبدأ بالفطرة في سلوك يألفه الجميع فلا تكن أحد "الشواذ" وتغرد كذباً يستسيغه بعض المارة.

ختامًا.. لست معنياً بجهلك، الشعوب ليست دِيْوانا تختار منه ما يحلو لك، وتسجل ما يسوؤك.

****

ومضة:

سلطان قوم مكرهم، أن أعجزتهم الحكمة.

يقول الأحمد:

اتفقت الأرواح فلماذا الوَجِلَ؟!

الأكثر قراءة