خبر سار للمؤسسات الصغيرة

 

خلفان الطوقي

 

أكثر ما تُعاني منه المُؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة والمشاريع المبتكرة هو الحصول على تمويل مُناسب، لذلك نرى الكثير من المبادرات والأفكار والمشاريع التجارية تتعثر أو تبقى داخل أدمغة أصحابها، وهذه المعضلة ليست لدولة مُعينة بذاتها،؛بل هي معضلة عالمية، لذلك فكَّر المهتمون بابتكار طرق تمويل حديثة وسهلة غير الاقتراض من البنوك والمؤسسات التمويلية التقليدية، وهنا ظهر ما يعرف بمنصات التمويل الجماعية (crowd funding) خاصة بعد الأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008، والتي سميت بأزمة الرهن العقاري.

التمويل الجماعي وصوره المتعددة (التبرع دون مُقابل- أو التبرع مُقابل الحصول على منتج معين- أو الإقراض- أو المشاركة بحصة في المشروع) وُجدت منذ زمن طويل، لكن تم تأطيرها وتنظيمها في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2008 إبان الأزمة الاقتصادية العالمية مباشرة، ومن ثم انتشر المفهوم في الصين وأوروبا، وبدأ في بعض الدول العربية في عام 2012، ووصل إلى دولة الإمارات العربية بين عامي 2015 و2016، وتم إقراره في المملكة العربية السعودية في عام 2018.

وهنا في السلطنة، وافق مجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال في بداية أغسطس 2021، على ترخيص مزاولة عمل منصات التمويل الجماعي، وفي يوم 22 أغسطس الحالي طرحت الهيئة مسودة لائحة تنظيمية لعمل المنصات للجمهور في 11 فصلاً و39 مادة، من باب المشاركة المجتمعية للاستماع لآراء المهتمين ولمدة 3 أسابيع تنتهي في 9 سبتمبر 2021، وخاصة لآراء الساعين والراغبين لإنشاء هذه المنصات التمويلية التي تعتمد على التكنولوجيا المالية (Fintech).

مفهوم المنصات المبتكرة حديث في السلطنة، لكنها موجودة في كثير من الدول، أصبحت هامة للمؤسسات الناشئة والصاعدة والمشاريع الابتكارية، وعددها على مستوى العالم تجاوز آلاف المنصات التمويلية، والإحصائيات تتحدث عن الأموال المستثمرة حتى عام 2025 أنها ستصل إلى تريليون دولار أمريكي، وهو مبلغ ليس صغيرًا أبدًا، وإن تأخرت السلطنة نوعًا ما في السماح لهذه المنصات بمزاولة أنشطتها، إلا أن البدء متأخرًا خير من أن لا نبدأ أبدًا.

ويمكن أن نستفيد من ذلك إيجابًا، عبر الاستفادة القصوى من تجارب المنصات الشبيهة عربيًا وخليجيًا، وحوكمتها بشكل أفضل، وتفادي الوقوع في أي أخطاء تحجّم الفوائد المتعددة لمثل هذه المنصات أمام المستثمر المبتدئ، والمستثمر المحترف، والشركات الصاعدة الناشئة، والدولة بوجه عام، ومن كل النواحي.

ولأن الخبر سارٌ للجميع، فعلى المؤسسات الجادة والمشاريع الصاعدة- مهما كان حجمها صغيرًا ومهما كانت درجة مخاطرها- والتي كانت تعاني من مشكلة التمويل والضمانات الثقيلة من المؤسسات التمويلة التقليدية الاستعداد المُبكر بخطة عملها التنفيذية الواضحة لكي تستفيد من هذه المنصات التمويلية، والتي سوف تعمل على اختيار "فلترة" المشاريع الطموحة والمبتكرة والواقعية؛ لتسويقها للجمهور وجمع التمويل اللازم، وكلما كانت الاستعدادات حقيقية وواقعية، فبكل تأكيد سوف تلقى تجاوبًا من الجمهور للإقراض أو المشاركة في الملكية، أو حتى التبرع بمقابل أو دون مقابل.