400 بعثة لا تكفي.. أين القطاع الخاص؟

فايزة الكلبانية

faizaalkalbani1@gmail.com

تابعنا مؤخرًا حالة الجدل والنقاش حول تقليص أعداد البعثات التعليمية للخارج من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، حتى بلغت 400 بعثة فقط مقارنة مع 750 بعثة في العام الماضي، و1500 بعثة في عام 2019، وهو فارق كبير للغاية وتناقص يُنذر بتداعيات سلبية عديدة.

البعض يُناشد بأن يتم التوسع في زيادة عدد البعثات الداخلية الكاملة أكثر من الجزئية كتعويض عن الفرص التي تم تقليصها من البعثات الخارجية. كما ناشد البعض بأن يكون هناك دورا لمؤسسات القطاع الخاص في السلطنة من منطلق " المسؤولية الاجتماعية للشركات" أن تُساهم في تمويل الجزء المتبقي من هذه المنح كدعم للطلبة وأولياء الأمور بشكل أوسع، لابد أن يكون للقطاع المصرفي والبنوك وقطاع الاتصالات وغيرها دور ملموس في تمويل قطاع التعليم أسوة بشركات قطاع النفط والغاز ، حيث وفّرت شركة تنمية نفط عُمان (170) منحة دراسية لمؤهل البكالوريوس لأبناء مناطق الامتياز في العديد من التخصصات، وقد تم إدراج تخصص التمريض ضمن تلك التخصصات لهذا العام. وساهمت مؤسسة الجسر للأعمال الخيرية في توفير منحتين دراسيتين في تخصص الطب العام بالجامعة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا.

وقد يكون استحداث وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار لبرنامج البعثات الجزئية لمؤهل الدبلوم العام حلا لعدد من الطلبة، لاسيما أولئك الذين لم  يُحالفهم الحظ في الحصول على مقاعد وفرصة قبول بمؤسسات التعليم العالي الحكومية، قد يلجأون لهذا البرنامج ولكن في المقابل سنجد البعض منهم لا ينتمي لفئة الضمان الاجتماعي والدخل المحدود لينافس على تلك الفرص، وسيكون من الصعب عليه توفير الجزء المتبقي من مبلع المنحة الجزئية الذي سيكون ولي أمر الطالب هو المسؤول عن دفعه كما فهمنا من ذلك، وهنا العائق "لكون البرنامج الثاني للمنح الدراسية الداخلية هو برنامج المنح الدراسية الداخلية الجزئية وهي منح مقدمة من مؤسسات التعليم العالي الخاصة، بحيث تتحمّل تلك المؤسسات (50 بالمائة) من الرسوم الدراسية لمؤهل البكالوريوس والدبلوم حسب شروط التنافس المُدرجة في إعلان مستجدات القبول الموحد، وعلى أن يتحمَّل ولي أمر الطالب باقي الرسوم الدراسية، والتكاليف والخدمات الأخرى المرتبطة بدراسة الطالب ضمن هذه المنح، بعد قبول الطالب في هذه المنح ويتولى ولي أمر الطالب التنسيق المُباشر مع المُؤسسة التعليمية للاتفاق على آلية دفع مُساهمته في الرسوم الدراسية، وأي خدمات أخرى يرغب الطالب في الاستفادة منها.

وكما تابعنا توضيحات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار والذين أكدوا خلالها أن أسباب تقليص عدد البعثات الخارجية لا تعود لأسباب مادية، وإنما للتشجيع على الابتعاث الداخلي في إطار عملية إعادة ترتيب الأولويات في السلطنة، ورفع الجودة في مؤسسات التعليم العالي، وجميعنا يعلم أنَّ انتشار جائحة فيروس كورونا (كوفيد19) له تأثيره المباشر على القطاع الخاص بشكل كبير، كما هو الحال لدى القطاع الحكومي وفي المقابل أيضاً أفراد المجتمع متأثرين نتيجة التسريح، وفقد البعض لوظائفهم وتكدس الباحثين عن عمل، إذن الجميع بحاجة لتكاتف الجهود، ولكن يظل أنه لا عذر لنا جميعاً كدولة بقطاعاتها الحكومية والخاصة أفرادا ومؤسسات في تضييق الخناق، والتساهل في توفير فرص التعليم المستحقة لأبناء الوطن. فالتعليم هو الركيزة الأساسية لارتقاء الشعوب، وجميع الدول تستثمر في تعليم أبنائها قبل اقتصادها، فالتعليم يأتي أولاً لنخلق جيلا واعيا مثقفا مبتكرا مبدعا قادرا على المنافسة والعطاء بدلاً من جعلهم باحثين عن عمل بمؤهل الدبلوم العام، من الأفضل أن نجعلهم حاملين لسلاح قد يفتح لهم آفاقاً رحبة للإبداع مستقبلاً، فالتعليم والشهادة سلاح لابد من دفعه للأمام، وتعزيز طاقات الشباب به .

اليوم.. لا بُد من إلزام مؤسسات القطاع الخاص الأخرى ذات الأرباح العالية بأن يكون لها دور ملموس وسنوي يُدرج ضمن أجندة ميزانياتها السنوية لدعم وتمويل المنح الدراسية على أن تُخصم من الضرائب، وذلك في ضوء المسؤولية الاجتماعية لهذه المؤسسات؛ لأن مؤسسات التعليم العالي الخاصة ساهمت في توفير المئات من المنح الدراسية ضمن برامج المنح الدراسية الداخلية الكاملة (معفية الرسوم الدراسية بنسبة 100 بالمائة) لمؤهل البكالوريوس.

ولا نستطيع اليوم إلا أن نضم صوتنا إلى أصواتهم، ونناشد الجهات المعنية ضرورة أخذ مناشداتهم بعين الاعتبار لكون هذه البعثات، ولاسيما الخارجية منها ستُساهم في تنوع تخصصات التعليم التي يحتاجها السوق مستقبلا نتيجة لعدم توفر هذه التخصصات داخليًا، ولاسيما تلك المختصة بالاتصالات والتقنية والابتكار واللوجستيات ومجالات الطاقة المتجددة وغيرها من التخصصات التي نطمح لتوفرها بمؤسسات التعليم العالي بالسلطنة، فالجميع يتخذ من ابتعاث أبنائه وسيلة لصقل مهاراتهم الشخصية أولاً، والمعرفية والعلمية أيضًا في آن واحد.

 

 

 

الأكثر قراءة