سالم كشوب
لاحظنا مُؤخرًا كثرة مواضيع بعض المطالبات تتصدر الهاشتاجات في مواقع التواصل الاجتماعي، فما الدافع من هذا الحراك هل بسبب ضعف التفاعل والرد من قبل الجهات المختصة، أم لقوة وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي، أم مجرد لعرض موضوع بدون مُبرر منطقي أو منطق ومن باب "الشو" أسئلة تدور في الأذهان ونحن يومياً نطالع في وسائل التواصل مطالبات تتكرر، وأحياناً توصل لأجزاء دون وجود رد أو أحيانا تفاعل خجول من قبل الجهات ذات العلاقة، والأدهى من ذلك تناول تلك المواضيع بإسهاب وأحيانا تجريح غير مقبول من البعض الذي يترك لب الموضوع، ويذهب لشخصنته دون تقديم مقترحات أو حلول لها.
مما لاشك فيه أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أداة مؤثرة للغاية، وأصبح الجميع سواء أفراد أو جهات ومسؤولين وخبراء ومختصين يضعون في الحسبان أن يكون لهم دور ومكانة في هذه الوسائل سواء من ناحية الطرح أو التوضيح أو المناقشة حتى أصبحت كثير من الجهات تضع أقساما وخبراء ومتخصصين في مجال الرد والتفاعل والرصد لما يدور في تلك الوسائل فيما يتعلق بالاختصاصات والمهام المُوكلة لها، ولكن للأسف أحياناً يكون تأثير حضور بعض الجهات وتفاعلها ليس بالشكل المأمول، وإنما تكون السياسة المتبعة هي ردة فعل تتأثر بشكل سلبي وبأسلوب فيه النفي التام، وعدم مواكبة الواقع والعمل على بناء تفاعل بناء مبني على الشراكة الحقيقية، والحرص على بناء ثقة متبادلة مع متلقي الخدمة، وبالتالي ترك المجال لتصديق ما يتم تناوله، والحديث عنه عن بعض الجهات؛ نظرًا لعدم قيامها بالدور المنتظر مع وسائل تتسم بالانتشار والتأثير الكبير.
النقطة الأخرى هل تم استنفاذ مختلف الوسائل للحوار والنقاش والجلوس، والتواصل مع الجهة ذات العلاقة لتوصيل ملاحظة أو رأي أو شكوى قبل استخدام وسائل التواصل أم فقط القفز فوق كل وسائل التواصل المتعلقة بتلك الجهات سواء التقليدية أو الحديثة، وبعد استنفاذ الحلول يتم طرح مختلف المعوقات في وسائل التواصل بحثًا عن علاج أو حل لتلك المشاكل أو أضعف الإيمان محاولة أخيرة لإيصال رسالة لعل وعسى تجد تفاعلًا أو ردة فعل من قبل الجهة ذات الاختصاص بموضوع الطرح في وسائل التواصل الاجتماعي، وهنا نعتب على مواقع التواصل الاجتماعي للعديد من الجهات؛ لعدم تفاعلها وحضورها في منصات التواصل وقلة المواضيع والمعلومات التي يتم نشرها كنوع من التوعية والتعريف بمهام عملها، ومحاولة خلق جسور من التعاون مع الفئات المُستهدفة وإيجاد مناخ إيجابي، وثقة تستمد من خطة واضحة المعالم يقوم بها متخصصون مدربون في مهارات التواصل الاجتماعي، ولديهم من الصلاحيات والأدوات التي تمكنهم من أداء عملهم على أكمل وجه، وبشكل احترافي دون انتظار ضوء أخضر من مسؤول قد لا يُدرك أهمية الرد، والحضور في الوقت والمكان المناسب، وكل تأخير قد يكون له تبعات سلبية على سمعة ومكانة المؤسسة التي يُمثلها وعلى رأس هرمها، مروراً بالخبراء والمستشارين الذين من المفترض أن يكون لهم دور مؤثر في رسم السياسة الإعلامية للمؤسسة، ومواكبة مختلف التطورات والمتغيرات التي تتطلب تفاعلا وتأهيلا، وتمكينا بالشكل الذي يُواكب ظروف كل مرحلة ويتماشى معها. النقطة الأخيرة والتي ربما قد تستفز مستخدمي منصات التواصل من جمهور، ومستفيدي بعض الجهات هي تكرار بعض الجهات في استقطاب بعض من يسمو بمشاهير التواصل غير متخصصين في جانب مُعين في عملية النقاش، واستقبال الملاحظات والاستفسارات، وكأنهم ممثلون عن المجتمع في مشهد يعكس نظرة ضيقة المدى، وبها تهميش لمساحة كبيرة من المجتمع، وإغفال تام لوسائل الإعلام والإعلاميين من دورهم الحقيقي، فليس كل شخص أطلق على نفسه ناشط اجتماعي وإعلامي يعتبر بذات الصفة، وهو لا يملك الخصائص أو الإمكانيات والقدرات التي تمكنه من القيام بدور ناشط اجتماعي وإعلامي، ونجده متخصصا وضليعا في كل المجالات والأنشطة لدرجة تجعل المُتلقي يتخيل أن ذلك المسمى بالناشط الإعلامي الذي نجد البعض منهم صباحا يطرح بعض الألغاز، والعصر يُسوق لمنتج والمساء يصدر فتاوي وأحكام وكأنه متحدث رسمي عن بعض الجهات، هو المنقذ والحل لما يدور في أذهانهم من ملاحظات واستفسارات تبحث عن رد وإجابة، والمضحك المبكي في هذه المشاهد أن البعض يصدق مثل هذه النماذج، ويتفاعل معها ويطالبها بالتواصل والبحث عن ردود لمشاكلهم لدى بعض الجهات والمؤسسات بسبب طريقة وأسلوب تلك الجهات التي أعطت حجما وتأثيرا غير مستحق لهم، وهمشت دورها ومكانتها واختصاصها، والدور الحقيقي المنتظر منها وفي المقابل تردد تلك الجهات أهمية أخذ المعلومة من مصدرها الرسمي، وهي همشتهم وأصبحت تنظر باهتمام وتركيز لفئة لا تمثل الشريحة التي تقدم خدمة لها، وفي نفس الوقت تناست وتغافلت عن دور الإعلام كشريك حقيقي لابد أن يُعطى الفرصة للقيام بدوره المناط به على الرغم من أهمية قيام الإعلاميين بذلك الدور، والحرص على أن يبادروا في ذلك بدلاً من انتظار جهة أو مؤسسة تطلبهم أو تدعوهم لمؤتمر أو حوار ونقاش. فالشراكة الفاعلة ترى من خلال حوار شفاف وقنوات تواصل فاعلة مع الجميع، ومعلومات وبيانات متاحة بكل سهولة ويسر إذا أرادت تلك الجهات والمؤسسات الحفاظ على جمهورها، واستمرار ثقتهم فيها مع أهمية الحوار والنقاش العقلاني الذي يدور حول موضوع أو قضية ما دون التطرق إلى أمور أخرى ليس لها علاقة، وتكون المحصلة مشادات ومناكفات لا تقدم حلا أو فائدة منتظرة.
"إن حلول الكثير من المشكلات الخطيرة والتي لا داعِ لها تكمن في تحسين قدرتنا على التفاعل مع الآخرين" لأني أريدوندو.