إيقاف الهدر بمنظومة الحماية الاجتماعية

 

خلفان الطوقي

 

سعت الحكومة لرفع الدعم تدريجيًا عن أهم سلعة وهي النفط منذ عام 2017، وظهرت خطة رفع الدعم التدريجي جليًا في عامي 2020/ 2021 في سلع وخدمات أخرى مثل الماء والكهرباء من ضمن البرنامج الوطني للتوازن المالي، وبالرغم من هذه الخطوة، إلا أن الحكومة ومن خلال مرسوم سلطاني سامٍ رقم (33 /2021) أقرت إنشاء صندوق الحماية الاجتماعية كجزء من منظومة الحماية الاجتماعية.

ومن الملاحظ في منظومة الحماية الاجتماعية أن هدفها التدخل في أي قرار سياسي أو اقتصادي أو أمني ليكون مراعياً للجانب الاجتماعي، وحماية المجتمع من أي صدمات عنيفة قد تحدث نتيجة إقرار أي سياسات مستحدثة خاصة لذوي الدخل المحدود.

ويمكن أن نوضح ذلك من خلال عدة أمثلة: عندما تم رفع تسعيرة البنزين، تمَّ مراعاة من لا يتجاوز دخلهم المالي الشهري 600 ريال عُماني لكي لا تزيد التسعيرة عن 180 بيسة للتر الواحد، ومن ثم تم رفع نسبة الدعم من 200 لتر إلى 400 لتر شهرياً للمسجلين في البرنامج الوطني للدعم. ومثال آخر عندما تم فرض ضريبة القيمة المضافة بواقع 5% على السلع والخدمات، تم استثناء سلع وسلع متفرعة وصل عددها لحوالي 488 سلعة من هذه النسبة، وينطبق ذلك أيضاً على الكهرباء عندما تم رفع استهلاك الفئة الأولى من الكهرباء لمن دخولهم المالية للعائلة الواحدة 1250 ريالًا عُمانيًا من 2000 كيلوواط إلى 4000 كيلوواط واحتسابها بـ12 بيسة. مثال ثالث وهو إقرار القرض الطارئ من بنك التنمية العماني خاصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة المسجلة في "ريادة"، وإعفاء حوالي 800 قرض من المبالغ المتبقية لبرنامجي "سند" و"رزق" التي تصل قيمتها 4 ملايين و86 ألف ريال عماني، وتأجيل مستحقات قرض صندوق الرفد خاصة لمن لديهم بطاقة ريادة، وإعفاء المستحقات المتبقية من بنك الإسكان العماني لمن رواتبهم التقاعدية أقل من 350 ريالًا عمانيًا، إلى جانب إقرار برنامج الأمان الوظيفي للمسرحين من وظائفهم، وتمديد منح المنفعة الشهرية لمدة تصل إلى عام، وتسهيل شروطها للمنضمين الجدد، هذا فضلاً عن مبادرات أخرى قادمة كتوحيد مزايا صناديق التقاعد الحكومية، وغيرها التي ستقف في صف الأفراد الأقل دخلا وحظا في المجتمع.

نظام حماية المنظومة الاجتماعية هو نظام واسع ويتغير حسب الظروف والمعطيات، وسيشمل مراعاة المواطن منذ طفولته إلى كهولته، ولديه أهداف نبيلة كثيرة، لكن هدفه السامي هو ضمان توسعة الطبقة المتوسطة للمجتمع باعتبارها صمام الأمان لأي مُجتمع، وتقليل نسبة الفقر قدر الإمكان، وتضييق الفجوة بين طبقات المجتمع المختلفة، ويكون ذلك من خلال سياسات حكومية ذكية تسعى لجعل الفرد العماني منتجا ومسؤولا ومعتمدا على نفسه مبتعدا عن الثقافة الريعية والاستهلاك المفرط.

الكثير من أفراد المجتمع لا يعلمون بمبادرات منظومة الحماية الاجتماعية، لقلة الترويج الإعلامي العصري والذكي من ناحية، وقلة من المتابعة بين الكثيرين من أفراد المجتمع؛ لذلك تجد هناك مقاومة مجتمعية عند أي مبادرة، عليه فمن المهم أن تصل الرسالة الإيجابية للمجتمع إن هذه المبادرات أهدافها إستراتيجية وطويلة المدى، وتهدف- إضافة إلى ما ذكر- العدالة، وتساوي الفرص، والتكافل الاجتماعي، والاستدامة المالية، والابتعاد عن الهدر المالي الرعوي لفئة من الناس، وإهمال الفئة المستحقة فعليًا؛ بل حمايتهم قدر الإمكان من الانزلاق لما دون خط الفقر.