خالد بن سعد الشنفري

"زوروني كل سنة مرة! حرام تنسوني بالمرة".. الرائعة الغنائية العربية التي صدح بها العديد من أشهر مطربي العرب منذ ما يربو على قرن من الزمن إلى اليوم وستبقى، لعل أشهرهم سيد درويش وفيروز تتحق هنا في عُمان في تجمع كل أطياف الأسر والعائلات العمانية من كل ناحية وفج وصوب في شهر أغسطس من كل عام.

أصبح عرفًا أن تشد الرحال من كل بقعة في عُمان بلا استثناء على الخارطة العمانية برا وجوا إلى صلالة التي تحتويهم بقبة عملاقة من الغيوم الكثيفة التي تحجب ضوء ولهيب شمس الجزيرة الحارقة في هذا الموسم من كل عام في صلالة أرض العز والأصالة.

أغسطس تنفح سماء صلالة وخريفها الأرض بالرذاذ المتواصل الذي لايكل ولايمل من التساقط فتفرح به الأرض وتفرش بساطها السندسي الأخضر وتنثر ورودها وأزهارها وتتبخر بعبق لبانتها المباركة وتنشر البهجة بترحاب أبنائها وسرورهم بلقاء إخوانهم من أرجاء عُمان الذي تعودوا عليه.

أغسطس صلالة استثناء في جزيرة العرب والعالم العربي وأيقونة عمان، تخمد فيه هدير المكيفات وتستبدله بهدير الشلالات وبزقزقة الطيور والعصافير فتتناغم الأرض والسماء مع هذا التجمع العائلي البهيج للأسر العمانية.

هو موعد عرس جماعي تحتفي به الأسر من كل ألوان الطيف العُماني فتفترش أبسطة الأرض العشبية الخضراء في أتين وصحلنوت ودربات والمغسيل وأثوم وطبرق ومرتفعات طاقة ودمر مرباط فسيفساء تبهج النظر وتسر الخاطر.

في شهر أغسطس من كل عام مع كل أطياف أبناء الغبيراء كافة قلما نجد بقعة في عُماننا الحبيبة تحظى بهذه البانوراما العمانية على ترابها، هنا وفي خريف صلالة وفي افتراش الأسر والعوائل بساط عشب الأرض الأخضر على مختلف سحناتهم ولهجاتهم بداوة وبحر وسهل وجبل أينما شطرت وجهك في صلالة تقابلها.

لا نُميز ما بين بعضنا إلا بلهجة هنا ولكنة هناك فنعرف أن هذا من صور وهذا من نزوى وهذا من ظفار وذاك من مسندم وغيرها، إنها سيمفونية لهجات عمانية كل شيء فيها يضيف نغمة ولحناً إليها ولكنها تبقى سيمفونية عمانية بامتياز تعودنا عليها ونفتقدها حتى يهل علينا أغسطس ذروة خريف صلالة.

أغسطس 2021 صلالة غير بتشريف مولانا صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه والسيدة الجليلة حرم جلالته، والأسرة الكريمة، وهكذا التاريخ يُعيد نفسه كل 100 عام من الجد السلطان تيمور إلى الحفيد السلطان هيثم. أدام الله علينا رخاءه ونعمه وبركاته والأمن والأمان.