في المشمش

 

الطليعة الشحرية (حالوت أليخاندرو)

الكرتون المتلفز

أيقينَ الكرتون أنَّه من بقايا سُلالة هارون الرشيد، الذي عُرِض على الشاشات العربية المُتلفزة، وانتعشتْ أحلامُ الطفولة وانسلَّ الطيش من قبضة الزمان، ونفث أرواح سوبرمان ورعد العملاق البطولية. وقرَّر التعددية ولكن بكل سِرية، وإن كان الحق مشروعًا علنًا، لكنَّه آثرَ الخفاء وشقةً في أطراف المدينة، وبَعْدَ السؤالِ عن الحال، أتاه الردُّ الجامحُ: "تجنُّب تسلط الأولى ومكتب تحقيقها، والنأي بالنفس عن التهلكة؛ فبعضُ الصراحة مشروعة وحتمًا بعضها مرفوض، وسيصبح الجميع في خبر كان.. أو كما يُقال في المشمش"!!!

أرجوحة الحظ

هل أدركتَ أنَّك لا تملك حقَّ الخيار: لا مولدك، ولا اسمك، ولا نشأتك، ولا مُستقبلك.. هي محطَّات، مَوطئ قدم، وأنت الغبيُّ الأحمق المُتعنِّت، تتوهَّم بأنَّك تملكُ عالمك وكل خياراتك. في حقيقة الأمر، أنت لا تملك إلا حقَّ الفكرة ومُمارسة التفكير العلني أو بالسر، هذا إذا لم تغيِّر أصابعُ خفيَّة مسارك العقلي عبر سلسلات من صعودٍ وهبوطٍ أشبه بقمة إفيرست. ستُشاهد مسرحية في يوم ومن الجمهور مَنْ يُصفِّق، ومن يَبصُق، ومن يُتمتِم، ومن يهز الرأس والكتف، ومن يكتفي بابتسامة صفراء.. ستعلمُ حينها أنك تُشاهد عرضًا لحياتك؛ فلا تنسى الفشار بالكراميل والملح، إنِّه مزيجٌ لذيذة، وستعلم حقَّ العلم أنَّك كُنت تبلع المشمش فيما مضى!!!

قفلٌ مكسور

انتزعتْ كلَّ الثيابِ المُعلقة، جَمَعتْهَا، ومن ثمَّ كوَّمتْهَا بالحديقة، صبَّت فوقها البنزين وأضرمتْ فيها النار. تحرقُ ثيابَه لتُطفئ حريقَ جوفها. لا يحقُّ له أن يتزوج عليها، فهي شجرة الدُّر والحاكمة بأمرها، استصرختْ أصواتَ العقل المنهوبة: "زوجة ثانية حلال شرعًا"، فانتفضت شجرة الدُّر تصعق الهتافات الغادرة: "لو مِسيار أرحم"، "لو بالحرام مليون مرة أفضل".. "ينحرق ويموت عز الطلب، لكن يجيب ضُرَّة بالمشمش"!!!

البطل طَلَّ

"5G" السرعة القياسية والنقلة النوعية لنقل البيانات، ستطير على بُراقٍ رقميٍّ، لن تصطدم بسحابة خريفية مَاطرة تسبِّب عطلًا في الشبكات الفائقة، ولن تقدر على بلع اللقمة إلى أن تجد شبكة، وتصوِّر السُّفرة، وتعلِّقها على حائط الحالة، وتخط تحتها بأيقونة "حبتين.. والهم بعدين"،و"ما شالُّوكم صلالة". ولسوء طالعك، اكتظَّت الـ5G بالروُّاد، وأصابها الهذيان والهستيريا، وبَصَقتْ في أوجه مُشتركيها صارخًة: "في المشمش"!!!

أقراط مفقودة

"ببجي" تقتلُ الأطفال، والكل يُلقِي بنفسه إلى التَّهلكة، هي مَخْسَرَة ومَفْسَدَة، بينما الخمرُ يُعزِّز الاقتصاد. وعندما أسافر يتمُّ تفتيشي بكلبٍ بوليسيٍّ؛ فهناك قُنبلة تحت وشاحي، ونشرِّع نحن قوانين للخُمور ترويجاً لتجارة لا تَبُور. هكذا تُحقَّق المكاسب العظيمة، وهكذا تُنزع بذور البركة الثمينة، لا خيرَ فيما تزرع ولا ثمرَ تحصد، والمحصِّلة "في المشمش"!!!

أمسك الشوشة

"مُتابعينا جونا طر، وجوكم حر، وأكلنا فرش والجو خرافي".. أَنهَى تصوير السناب لنقل العزبة إلى مكان آخر.. ماذا عن الأكل والقمامة؟ امتدَّتْ أصابع احترافية، أمسكتْ شُوشة المصوِّر، حتى قالت لك مُسمَّاي الوظيفي "زبَّال".

فتح البثَّ المُباشر، وانهالتْ النصائح والإرشادات: "مُتابعيَّ حبايبي، لا تنسوا أنَّ النظافة من الإيمان، فحافِظ على نظافة مدينتك، ونختم ونقول بحبكم".

المصور باحتقار، وصوتٍ هامس: "في المشمش"!!!

-----------------------------

* الحياة تُعيد نفسها بشكل غير منطقي.. وأنا وأنتم في المشمش!!!