الإبادة البشرية ومكاسب الموت

 

 

راشد بن حميد الراشدي

عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية

 

إنَّ ما يحدث حولنا من فتنٍ وقتل ودمار وبأوحش الأساليب بدأت شرارته منذ أن خلقت الأرض ومنذ أن جعل الله الإنسان خليفة ليُعمر الأرض ولا يفسدها.

وعبر عقود الزمن حدثت أحداث دامية على الأرض من أجل سيطرة الإنسان على أخيه الإنسان وتملك ملذات وثروات الدنيا الفانية فأخذته العزة بالإثم بكل الوسائل الوحشية والقمعية، فقتل الإنسان أخاه الإنسان من أجل مآربه والاستحواذ على الثروات والأوطان. تعددت أساليب الإبادة البشرية من زمن إلى زمن وتعدد المكر والدهاء ووسائل الشيطان وأعوانه فضلت البشرية وانحدرت في أتون سحيقة من الضلالة والجهل والظلم.

إنَّ ما نشاهده اليوم وسمعنا عنه من قبل هي أحداث يندى لها الجبين فلعبة الموت مُستمرة عبر آلاف السنين وكل شيء بقدرة الله وتدبيره في خلقه.

اليوم نشهد طريقة جديدة للإبادة البشرية وكسب الثروات اختلفت عن سوابقها وهي إبادة من نوع آخر ولا تكلف المعتدي المال والأنفس من أجل تحقيق مآربه.

كانت الحروب والإبادة قديماً بالسيف والرمح فتطورت بالبنادق والمدافع وتطورت بالطائرات والقاذفات والسفن والدبابات وغيرها من الوسائل.

كان الغزو للدول وذهاب الجيوش والعتاد لمواقع المعارك والدول المعتدى عليها هي وسيلة للاحتلال والإذلال وسلب الثروات فكلفت الكثير وأجهدت المعتدي بصمود بعض الأوطان والدفاع عن نفسها.

اليوم تتشكل طريقة جديدة خبيثة في امتلاك الثروات وبأسرع وأسهل الطرق، إنها الحرب البيولوجية التي انتشرت في أصقاع الأرض جميعها بسرعة الريح فأحرقت كل الأوطان من أجل مكاسب مؤسسات وشركات ودول تجني اليوم ثروات وبأرقام فلكية بلغت مليارات الدولارات، فمع فناء البشرية وإبادتها فليس في قاموس هؤلاء سوى جني الثروات على حساب أرواح البشر.

فالأخلاق والقيم واحترام الإنسان لأخيه الإنسان فلسفات عفا عليها الزمن في قاموس هذه الشرذمة من أجل السيطرة على العالم وثرواته.

اليوم نشهد انتشارًا رهيباً للأوبئة فما أن انتهت موجة حتى جاءت أخرى أشد فتكاً منها وكأنها طرائق ممنهجة لفناء البشرية والاستحواذ على العالم بأسره. فكيف يُعقل أن ينتشر مرض من أقصى الأرض إلى أقصاها في ظرف شهور بسيطة وبأعداد كبيرة إلا أن وراء الأكمة الشيء الكثير؟!

إن مكاسب الموت التي تجنيها كبرى الشركات والدول المحتكرة للدواء اليوم بمليارات الدولارات تدلل على الهدف من انتشار الأمراض وبهذه الطرق السريعة والممنهجة في إبادة البشرية دون عناء إشعال الحروب وغزو الأوطان.

فما يحدث اليوم حولنا من تغيرات متسارعة على الأرض لم يكن في حسبان الشعوب الوادعة البسيطة، لكن الأمر كبُر وعسر ونسأل الله العلي القدير السلامة وتطهير البشرية من شرور هؤلاء الظالمين وأن يرد كيدهم في نحورهم بإذن الله وهو القادر السميع العليم.

قال تعالى: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ  وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (الأنفال: 30).

حفظ الله عُمان وسائر الأوطان ورفع هذه الشرور عن العالمين.

تعليق عبر الفيس بوك