التحوُّل المؤسسي.. آفاق وتحديات

مدرين المكتومية

مع تطور علوم الإدارة الحديثة ووسائل التطوير المُؤسسي، ظهر مصطلح بالغ الأهمية يعكس الكثير من الأهداف ويُلبي العديد من التطلعات، ألا وهو "التحول المؤسسي" الذي يهدف في المقام الأول إلى تحويل نموذج العمل في أيِّ مؤسسة تقليدية إلى مؤسسة ذات أهداف تقدمية تعتمد في جوهرها على الإبداع والإتقان لزيادة الإنتاجية، سواء كانت مؤسسة قطاع عام أو خاص.

وخلال السنوات القليلة الأخيرة تزايد الحديث عن التحول المؤسسي، نظرًا لما تعرضت له الأنظمة الاقتصادية من تحديات وضغوط فرضت إجراءات بعينها تسببت في انهيار مؤسسات بعينها أو على الأقل كبدتها الكثير من الخسائر. فكان الحل في إجراء تحول مُؤسسي ينتقل بكل شركة أو كيان أو جهة إلى آفاق متطورة من العمل والإنتاج. ومع تزايد الضغوط في أعقاب أزمة وباء كورونا والانهيارات الاقتصادية التي شهدتها الكثير من الدول والشركات بمختلف أحجامها، ومنها المؤسسات الإعلامية، قررت هذه المؤسسات اتخاذ الكثير من الإجراءات لتخفيف الأعباء والحد من الخسائر التي تكبدتها، تفاديًا لإشهار الإفلاس. واتجه الكثير من المؤسسات إلى التفكير الجدي والعقلاني نحو البحث عن البدائل، والعمل على التكيف مع الأوضاع الجديدة من خلال مفهوم آخر وثيق الصلة بالتحول المؤسسي، وهو "قيادة التغيير".

لكن يُصاحب هذا التغيير عادة تحديات عديدة، والتي يمكن مُواجهتها عبر تسريع وتيرة التحول الرقمي والبحث عن الفرص الجديدة بما يتناسب مع الوضع الراهن من خلال تقديم خدمات مميزة، وأكثر جذبًا وقبولًا، وأكثر قربًا من الأفراد ورغباتهم ويتناسب مع الظرف الذي أُجبر العالم على العيش فيه. ومع تراجع الدخل وحاجة الناس لكل ما هو مختلف وجديد، وانتشار البرمجيات المتقدمة ذات الذكاء الاصطناعي، أصبح العالم يمضي بقوة نحو المُنتجات الرقمية، ما يؤكد حتمية هذا التحول.

إننا أمام مرحلة تحتاج المبادرة في مواجهة التحديات والعمل الصادق للوصول إلى الأهداف المبتغاة، من خلال الفكر الإبداعي المبتكر، وعدم الوقوف مكتوفي الأيدي، بل مواصلة البحث عن الأمل، عن الفكرة الجديدة، عن تجارب الآخرين، نتكئ عليها لنخرج بفكرة يمكنها أن تكون "مصباح علاء الدين السحري" القادر على تحويل العثرات إلى فرص.

علينا أن نسعى كذلك للتعرف على الكيفية التي يمكنه من خلالها قيادة التغيير، ولا بُد أن لا نعيش على ردود الأفعال السريعة وأن لا نستسلم للإحباط واليأس، وعلينا أن نكون في المقدمة عبر التفكير العقلاني والاستفادة بقدر كبير من تجارب الآخرين.

إنَّ المتغيرات من حولنا والأوضاع الصعبة التي يعيشها العالم الآن، كان لها الأثر الأكبر في التحول الرقمي، الذي لطالما سمعنا عنه، ولطالما كنَّا نسعى لأن يكون جزءًا من رؤيتنا وأهدافنا، ولكننا لم نعتقد أنه سيكون بهذه السرعة، وأن الأوضاع الصعبة تدفع الإنسان للبحث عن حلول وبدائل، وعلينا أن نكون مؤهلين لهذا التحدي وخوضه بكل قوة وإتقان، كي تتطور مؤسساتنا وتعلو رايتها، ونحقق ما نصبو إليه جميعًا وما يأمله المجتمع من كل مؤسسة.