حفظ الود للأسرة الكبيرة

 

د. خالد بن علي الخوالدي

khalid1330@hotmail.com

(1)

أثناء تصفحي لمنصة تويتر صادفني هذا السؤال للنِّقاش (السكن مع العائلة هو من أسباب فشل العلاقة الزوجية.. مع أو ضد ولماذا؟)، لم أقدم رد بطبيعتي لأنني قليل الرد والتفاعل على تويتر، ولإيماني بأنَّ الموضوع يحتاج إلى مقالٍ متكامل، فقد فضلت الرد هنا في عمودي الأسبوعي، فالقضية كبيرة ومتشعبة، وليس الأمر "مع أو ضد"، وإنما له علاقة بالراحة والاستقرار والخصوصية وجوانب حياتية أخرى تمس مصالح بشر ونفسياتهم.

ومن وجهة نظري والتي قد لا تتوافق مع رأي البعض بأن سكن الزوج مع أسرته له آثار سلبية وإيجابية، والسلبية في نظري أكبر خاصة مع تطور الحياة واختلافها عن الماضي، فلأجل حفظ الود بين العوائل وخاصة بين الزوجة وأهل زوجها أرى أن يتم سكن الزوج والزوجة منفصلين عن الأسرة الكبيرة ولكن بالقرب منهم براً لوالديهم وحفظهم وحتى لو كان أبعد فهناك وسائل النقل حاليا متوفرة وسهلة، ورأيي هذا مبني على عدة نقاط منها المحافظة على روح المحبة بين الزوجة وأهل زوجها منذ البداية وعدم تعكيرها. فكثيرًا ما نسمع عن الاختلاف بين الزوجة وبين عمتها أو بين الزوجة وزوجات الإخوة، أو بين الزوجة وأخوات الزوج، وكل هذه الخلافات يكون لها تأثير بالغ في المُستقبل في كيان الأسرة. كما إن المرأة تحب أن تكون لها خصوصيتها ومملكتها التي تكون فيها السيدة والملكة، وعندما تدخل الزوجة كغريبة إلى بيت أهل زوجها ترى الأم (العمة) بأنَّ هناك من يتدخل في خصوصياتها ومملكتها، وتبدأ في الدفاع عن هذه المملكة بكل شراسة وقوة وبوسائل متعددة وبأساليب مختلفة، وهي ترى ذلك من حقها. فبعد سنوات طويلة من البناء لهذه المملكة تأتي فتاة غريبة وتتدخل وتحاول أخذ البساط من تحت قدميها.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، تجد الزوجة أنَّ الجو العائلي لا يسمح لها بالاستقلالية مع زوجها ولا يسمح لها بالتزين وارتداء الملابس المريحة في بيت العائلة؛ لوجود الإخوة والالتزام بالعادات والتقاليد، على عكس لو كانت في منزلها الخاص، ناهيك عن أنَّ وجودها في بيت الأسرة يجعلها في شد وجذب مع زوجها لإيجاد الوقت الخاص بها ولأولادها للجلوس معهم والاستماع لأنينهم، كما لا تكون العلاقة مستقرة للغيرة بين العمة والزوجة على الزوج، ومن منهن الأحق بوجوده أكثر معها. ويضيع الزوج ويشتت بين رضا أمه ورضا زوجته، وعادة ما يُرجح رضا الأم، فيخسر الزوجة، إلا من رحم ربي، وهم قلة، أولئك الذين استطاعوا تحقيق التوافق بين طرفين؛ شوكة كل واحد منهما قوية.

هناك أمور كثيرة في الحياة الأسرية قد لا نُدركها وقضية سكن الزوج مع أبيه وأمه في نفس البيت أصبحت مخاطرة مع تغير الأحوال والأنفس وميل الناس إلى الراحة والترف والمقارنة بين النساء، وغيرها من الأسباب التي تجعل بداية الحياة الزوجية في منزل منفصل، تُجنِّب كل الأطراف الخصام والزعل والمشاجرات.

حديثي هذا لا يعني أنني ضد كيان الأسرة الكبيرة؛ بل إنني معها، إذا كانت هناك ضمانات لوجود حياة زوجية مستقرة وهانئة، وقليلا ما يتحقق هذا في مجتمعاتنا الآن.. إنني مع المحافظة على علاقة الود واستمرار الأسر في التجمعات العائلية دون مشاكل، وهو ما يفرضه سكن الزوج والزوجة في بيت مستقل منذ بداية زواجهما.. ودمتم ودامت عُمان بخير.