الظاهرة تتساءل يا حكومتنا!

راشد بن سباع الغافري

أكثر ما يُحيرني في أمر محافظة الظاهرة أنها ذات ثروات جمّة ومتنوعة؛ ومع ذلك تظهر وكأنها متأخرة كثيرا في التطوير مقارنة بمحافظات أخرى، والتنمية فيها تسير ببطء شديد في عالم سريع التغيّر والتبدّل.

ومن أكثر ما يحيرني أيضًا في أمر محافظة الظاهرة، أنّ شيوخها وأهلها يطالبون منذ سنوات طويلة بالتنمية والتطوير لها، والمكاتب الرسمية تطالب بالتنمية والتطوير، والممثلون الرسميون في المجالس البرلمانية والبلدية يطالبون بالتنمية والتطوير لها، ومع ذلك لم تأت تلك التنمية بالشكل الذي يطمح إليه أبناء الظاهرة، ولا بالصورة التي يريدون ويأملون أن يروا فيها بلادهم، ولم تظهر المحافظة بما يدلل على أنها قطعت أكثر من نصف قرن في مسيرة النهضة المباركة كما ظهر عليه غيرها.

حتى إنني أتساءل أحيانا كما يتساءل كثيرون، أهناك من يقف عائقا أمام التنمية في محافظة الظاهرة؟ أم أنّ الظروف المادية تعيق تلك التنمية أن تأتي إلينا وبالصورة التي نريد؟

هذه الأسئلة قد لا أجد لها جوابا شافيا، ولكن في نفس الوقت لا يجب أن تترك للقيل والقال وللتكهنات والتأويلات، ولهذا نأمل أن يبادر من يعنيه الأمر بتوضيح الصورة لأهالي الظاهرة حتى يكونوا على بيّنة من أمر محافظتهم؛ أو أن ترسم خارطة طريق للارتقاء بها مستقبلا تُطمئن أهلها على الوضع القادم.

محافظة الظاهرة رغم مساحتها مترامية الأطراف، وتنوع الثروات فيها، وموقعها المتميز الرابط بين عدة محافظات، وتماس حدودها مع دولتين خليجيتين، وكثرة الأماكن السياحية فيها الطبيعية منها والتراثية، والعدد الكبير في تعداد السكان والقرى التابعة لها، والمواهب والقدرات البشرية لأبنائها، وتاريخها المجيد الذي جعل منها قِبلة ومعبرا للقوافل، إلا أن كل ذلك لم يشفع لها لتكون محط أنظار تلك التنمية التي حظيت بها محافظات أخرى في هذا الوطن العزيز.

فافتقدنا على إثر ذلك للجامعة التي تحتضن شبابها، وللحدائق التي ترفه عن أبنائها، وللجسور التي تخفف الزحام على طرقاتها، وللسدود التي تحفظ المنازل من هجوم الأودية والشعاب عليها. وعانى أبناؤها من التسريح والبحث عن أعمال رغم قربهم من مناطق الامتياز ومن حقول النفط والغاز. كما عانينا من عدم المصداقية لإعلانات عن طرح مناقصات لكثير من المشاريع والخدمات التي لم نر منها سوى صور البعض وهم ينسجون الأحلام الورديّة للناس. فافتقدت الدريز- على سبيل المثال- للمركز الصحي الذي أعلن عن طرح مناقصته منذ سنوات، كما افتقدت للسد الذي أُعلن عنه بذات الطريقة، وافتقدنا الحديقة التي أعلن أنها ستقام على مساحة تقدر بآلاف الأمتار، ولأشياء اخرى كثيرة لا يتسع لها المقال!!

واشتكى الكثير من القرى بالمحافظة من ضعف شبكات الاتصال، ومن تفجُّر أنابيب المياه وانقطاعاتها المتكررة، ومن الحُفر في الطرقات وتأثيرها على المركبات، ومن تحطيم الأودية لكثير من الطرق الرابطة بين مختلف القرى بسبب تشييدها في مسارات تلك الأودية.

افتقدنا للمراكز التجارية الراقية والكبيرة، وللفنادق ذات السمعة العالية، وللمصانع التي يمكن أن تسهم في تقليل أعداد الباحثين عن عمل، افتقدنا للتخطيط السليم لكثير من الخدمات والشوارع الواسعة وللتشجير، افتقدنا للطرق الموصلة للعديد من المواقع الأثرية والطبيعية، ولكثير من مقومات البنى التحتية الجاذبة.

حتى بوابة الترحيب التي حظيت بها محافظات عدة افتقدنا وجودها على مداخل محافظة الظاهرة، رغم كرم أهلها المعروف وحسن استقبالها للضيوف؛ سواء القادمين إليها أو العابرين منها.

لهذا.. ثمة عتب كبير من أبنائها على تلك الخطط التنموية التي لم تلبي تطلعاتهم، كما إنّ هناك طموح وأمل أكبر بأن تحظى هذه المحافظة بولاياتها الثلاث مستقبلا بما يليق بها وبمكانتها الجغرافية والبشرية والتاريخية، وهذا العتب يحمل في طياته دعوة أيضا موجهة لأبناء المحافظة أنفسهم من أصحاب المراكز الوظيفية المرمرقة وأصحاب رؤوس الأموال أن يسعوا جاهدين للارتقاء بها كل حسب موقعه وقدراته.

مع الشكر الجزيل والتقدير التام من أبناء المحافظة لكل جهد يبذل للارتقاء بها وتطويرها سواء كان جهدا رسميا أو شعبيا أو فرديا.

ختام المقال نقول فيه.. إنه بافتتاح الخط البري الرابط بين السلطنة والشقيقة السعودية يفترض أن تكون الظاهرة بيئة جاذبة للاستثمار وللسياحة والتجارة كونها واجهة السلطنة لكثير من العابرين على ذلك الخط والذين قد يأتون من دول متعددة، ولن يتأتى ذلك ما لم يعاد تنمية هذه المحافظة والارتقاء بها في شتى المجالات لتكون كما يجب أن تكون.

محافظة الظاهرة تقف الآن من خلال مطالبات أبنائها على باب الكرام الواعين بأهمية الموقع والمرحلة لتتساءل عن حظوظها في التنمية القادمة؛ فهل من مجيب على أسئلتها يا حكومتنا الرشيدة؟!

تعليق عبر الفيس بوك