د. خالد بن حمد الغيلاني
@khaledAlgailani
القضايا كثيرة في المجتمع ومتسارعة بشكل غير معقول وغير مقبول؛ فهو غير معقول لتعددها وتواليها، وغير مقبول لأن الكثير منها من المفترض عدم حدوثه، وعدم تكراره، وفي هذه المساحة القادمة أتناول بعضاً من هذه القضايا بصوت مسموع، وفي حقيقة الأمر ليس هذا الصوت الأول، ولن يكون الأخير؛ ولكن مشاركة المجتمع همومه وقضاياه مسألة واجبة لا تقبل القسمة على اثنين، وهي مهمة كل غيور، مع الأخذ في الحسبان الجانب الإيجابي الذي يؤكد أن لكل قضية حلا، ولكل طارئ مخرجا؛ والمهم؛ بل والأهم هنا هو من يتولى أمر القضية محل النقاش والاهتمام والتأثير، وما يملكه من صفات ومؤهلات وقدرات تمكنه من اجتثاث المشكلة وحلها.
"رؤية 2040"
هذه الرؤية الطموحة التي تجد عناية سامية كريمة، والتي يفترض قد بدأت عامها الأول ومسيرتها الثابتة نحو مستقبل واعد، وغد مشرق أساسه الإنسان وهدفه الإنسان ووسيلته الإنسان، والمفترض ألا يتأثر مسارها المرسوم بأي عارض أو مستجد؛ إذ إنه لا مجال للعودة للوراء أو التوقف أو تعديل المسار، إلا بالشكل الذي يسهم في تحقيقها بأقصى درجات الجودة والإنجاز، وما عدا ذلك فهو خلل ونقص لا يمكن جبره؛ بل قد تزداد فجوته، الأمر الذي سيمضي بنا نحو مسار لا يُمكن تحمل نتائجه. ومع جهود المختصين والمعنيين فمن الواجب مواكبة إعلامية واضحة حول مسار خطط الرؤية وبرامجها أين وصلنا؟ وهذا سؤال لابُد من الإجابة عليه بشكل دوري مستمر، وهو نوع من الشفافية والموضوعية وهذان مرتكزان إن نالا الاهتمام سيكون لهما الأثر في سير الرؤية نحو هدفها المنشود.
فواتير الكهرباء
مشكلة تحدَّث عنها الجميع وطال أثرها الجميع، لكن أحس بذلك الأثر واكتوى بناره- مع حرارة صيف حارقة وظروف استثنائية تلزم الجميع بقضاء أكثر الوقت في البيوت والمنازل- ذلك السواد الأعظم من بني وطني؛ وهي الفئة ذات الدخل المحدود، والتي تطلب كفاف العيش والقدر اليسير منه، ثم ما زاد الأمر سوءًا وضيقًا قطع التيار الكهربائي عن كل مُتأخر عن السداد (لاحقًا أصدرت هيئة تنظيم الخدمات قرارًا بعدم قطع التيار خلال شهور الصيف)، والمسألة لا تعني ارتفاع كلفة الكهرباء وتوقف الدعم أو تخفيضه، وإنما الكلفة الاجتماعية التي لابُد من مصاحبتها لأي قرار، فلا يمكن أبدًا أن تقوم أي جهة بإصدار قرار دون دراسة حقيقية لكلفة ذلك القرار الاجتماعية، وهذا للأسف ما تغفل عنه العديد من الجهات، فتكون النتائج وخيمة، والضرر كبيرٌ على الإنسان وعلى مختلف مكونات المجتمع، لذلك فدفع الضرر أولى من جلب المنفعة، وعلى من يهمه الأمر النظر الجاد والبحث عن حلول دائمة لا تكلف المواطن عبئا ولا يكون هدفا لعلاج المشكلة. والحلول كثيرة إذا وافقت رغبة وصدقا في النوايا، ومسؤولا يجعل المواطن وتخفيف العبء عليه هدفًا ومرتكزًا.
تصريح المسؤول
الإعلام ووسائله المختلفة جزء من أي مجتمع؛ بل هو سلطة كفل القانون لها الحرية والعمل بالشكل الذي يجعلها أداة رقابية فاعلة. ومع تطور وتعدد وسائله، فلا زال العديد- وإن كنت دقيقًا الكثير- من المسؤولين لا يجيد التعامل مع هذه الوسائل، وأكثرهم بين فريقين؛ فريق لا يلتفت لهذه الوسائل ولا يُعيرها أهمية ولا يقبل التواصل معها، وهذا فريق يتصور أنه في وظيفة خاصة ولا يدرك عمله العام الذي يقتضي دوام التواصل والاتصال، وهذا التواصل ضروري منعًا للتأويل ودحرًا للشائعات وضمانًا لصدق المعلومة وانسيابيتها من مصادرها وعبر قنواتها، ولا بأس بنقد المجتمع، فهو أمر صحي وضروري لتجويد العمل وتطويره. والفريق الثاني يتواصل مع وسائل الإعلام؛ لكنه دون تمحيص ودراسة وقدرة للسؤال والجواب، فيكون الرد صاعقة تثير الناس، وسهمًا لا يرتد فيصيب ويؤذي. هذا الفريق أشد خطرًا وأكثر وبالًا، ولا يخفى على ذي لب وبصيرة أنَّ التعامل مع الإعلام فن وقدرة إذا لم يتقنها المسؤول عليه أن ينمي مهاراته ويطور قدراته ليكون قادرا على الرد والحديث بالشكل اللازم وبما يعزز العلاقة ويوطدها بين المسؤول والمجتمع، فلا رفض التعامل مع الإعلام صحيحًا، ولا التعامل غير المحسوب والمدروس صحيحا، فمتى نرى كل مسؤول متحدثا منطقيا واقعيا مقنعًا يدرك بواطن الأمور ويعلم أثرها وينتقي كلماته بما يحفظ لكل مؤسسة مكانتها.
البطل الأولمبي
ودع ممثلو الوطن الغالي في الألعاب الأولمبية 2020 بطوكيو، ودعوا المشاركات وخرجوا من أضيق الأبواب، وحقيقة الأمر أننا وأكثرنا تفاؤلا لم يكن يتوقع أكثر من ذلك، ولا تصل به طموحات الواقع أبعد من ذلك. ولعل الهدف في المقام الأول المشاركة ورفع علم الوطن، وهو هدف محمود، لكنه لا يرضي طموحات أبناء عُمان، الذين يرغبون في السبق والوصول وتحقيق الإنجازات.
وأنا هنا لا ألوم أحدًا أبدًا، وفي الوقت نفسه لا أعفي أحدًا أبدًا. إن صناعة بطل أولمبي عُماني مشروع وطن، ومسؤولية وطنية مثله مثل حماية الحدود والدفاع عن الوطن، مثله مثل التعليم، مثله مثل البناء والتطوير، مثله مثل تنويع مصادر الدخل، ولا سبيل للوصول لهذا البطل دون إحساس الجميع وإدراك الجميع بأهمية ذلك وضرورته وأثره؛ فكيف باللجنة الأولمبية وحدها صناعته أو اتحاد اللعبة وحده أو اللاعب وحده أو أي مؤسسة وحدها.
الأمر يجب أن يبدأ من خطة استراتيجية واضحة ومحددة، يعدها المختصون، ويباركها الوطن، ويعمل عليها كل فرد بداية من طالب المدرسة الذي عليه أن يعلم أن البطل العماني لابُد أن يكون هو ذلك الطالب وتلك الطالبة، ثم تتوالى المسؤوليات والمهام فيكون لكل منِّا دوره مؤسسات رسمية ومجتمعية واقتصادية وإعلامية، بغير ذلك وتنصل البعض فلا مجال للوصول، وبالتالي فالواجب العمل الفوري والعاجل للبحث وتهيئة المصنع وإعداد أدوات الصنع ولوازمه، فالوقت ضيق والركب ماضٍ ولا مجال للمجاملة والتخلف عن الركب واللوم.