لعيون السياحة في بلادي

أنيسة الهوتية

"لعيون" السياحة في بلادي، وحتى يرتاح السائحون المواطنون والمقيمون كَنسبة غالبة في حساب المساحة البشرية المتواجدة حالياً في السلطنة، فإنَّ منع الحركة أصبح مخطوطاً على الساعة العاشرة مساءً ومن ساعة إعلان فتح الحركة إلى ساعات متأخرة، انطلقت السيارات من أغلب ولايات السلطنة إلى محافظة ظفار؛ فالسياحة الوطنية الصيفية في الجنوب ومعايشة الجو الخرافي لخريف صلالة، أصبحت الرغبة الدائمة المتكررة والوجهة التي توجهت إليها الأرواح، بما أنها المتنفس المتوافر حالياً؛ كأفضل عرض لمن يعرف الاستمتاع بطريقته البسيطة الخاصة، والمواطن البسيط هو الأسعد حظاً وخاصةً من كانت لديه عائلة كبيرة تبارك الله.

لكن تأجيل منع الحركة للساعة العاشرة مساءً لوحده ليس مساعداً قوياً لتنشيط سياحة خريف صلالة مع الأسعار الخيالية التي لو حسبناها لشخصين لمدة 3 أيام في الفنادق المميزة، وأيضاً المطاعم ومراكز التسوق تساوي تقريباً نفس التكلفة لعدد نفس الأشخاص لأسبوع في إسطنبول (تركيا) حالياً، ولاثني عشر يوماً وأكثر في إيران! وكلا الدولتين ممتعتين من حيث الجو، والطعام، والتسوق! ناهينا عن غلاء البترول الذي لربما يكلف قيمة تذكرة ذهاباً وإياباً إلى صلالة، ولكن يتفادى المحب للجنوب التفكير في حسبتها لأنه يعلم أنه سيوفر لاحقاً في استخدامها هناك فتأجير سيارة سيكلفه أكثر إذا سافر جوًا.

ولتنشيط السياحة يجب توافر مقومات، وتخطيط إستراتيجي ممتد بديمومة مستدامة تدور حول نفسها دون انتهاء ومع كل دورة تتجدد مقوماتها وبياناتها وشخوصها كذلك. ولمراعاة السياحة في بلادي فإنَّ خريف صلالة ليس الوجهة الوحيدة التي من الممكن الانتفاع منها فهناك الكثير في كل ولاية ومحافظة.

أما عن غلاء المعيشة فإنها أصبحت عجيبة غريبة، من البترول، إلى فاتورة الماء والكهرباء التي سقطت علينا من الكوكب الأحمر الغامض! وكأننا فضائيين لا نستوعب العالم الخارجي ومعيشة النَّاس على كوكب الأرض وكيف يدورون حول أنفسهم كما يدور كوكبهم حول نفسه! أما آن الأوان لنا أن نُدرك أننا نعيش في عام 2021م، لسنا في 1970م أو 1960م حين كان البشر مُغلقون على أنفسهم ويصدقون كل ما يُقال لهم، وكان التاريخ يكتب بقرع طبول أصحاب من يشاء كتابتها باسمه، والمطبلون كانوا هُم خيرة الناس وواجهتهم.

المصيبة أن الغلاء يدور في كل زاوية حتى تعوَّد عليه التُجار الصُغار مواكبةً لموضة غلاء المعيشة، فالمشتري لن يُضلله شراء غرض قيمته 10 ريالات بعشرين أو ثلاثين ريالا، فإنها فترة غلاء ونار وشرار!! وكان الله في عون من كان راتبه 325 ريالاً، وحتى من كان راتبه 1500 ريال ويعيل أسرة كبيرة، فإنه لا فارق بين هذا وذاك، ولا مجال "للتحويش" إذا كان المدخول والمخرج متساويين (للصرفيات الضرورية الأساسية الأولية) ما بين قوسين، وليس للكماليات.

وإذا كان أكثر من نصف الشعب من هاتين الفئتين فكيف بالله أن تنتعش السياحة في بلادي من أهل بلادي وهُم في حربٍ وجهاد لإطعام الأفواه وإشباع البطون الجائعة، والسعي لإنهاءِ هَم الديون التي توحي لَهُم بأنهم يعيشون حياة آمنة كريمة.