ليلى واثنا عشر راعيا (2- 2)

 

الطليعة الشحرية

ذهبت باليوم التالي إلى البنك فعندي وديعة هناك، وجرت عادتي أن اتفحص وديعتي كل أسبوع أخذت المفتاح من موظف البنك الذي اعتاد حضوري الأسبوعي ونزلت إلى قسم الودائع المحفوظة، فتحت خزانتي وأخرجت صندوقاً منه جلست على الطاولة وتفحصت صندوقي قطع من الذهب، ومبالغ مالية، وبعض الصكوك، امسكت ورقة تذكرت هذه كروكي أرض أخذتها من الراعي الخامس لا هو الراعي الرابع، لا أعلم لا تسعفني الذاكرة الآن. انتبهت أني يجب أن أذهب إلى الإسكان وأتابع موضوع الأرض.

ابتسمت في نفسي فهذا الإيصال أخذته من حبيب سابق يعمل عسكرياً ومتزوج. الأحمق أعطاني الإيصال وتنازل عنه قبل أن أعطيه المبلغ المتفق عليه كان يعتقد أنى أذوب في عشقه وأهيم بتفاصيله، استغرقت مهمتي أسبوعاً، وتخلصت منه، بعد أن وثقت العقد في دائرة الملكية العقارية بالمحكمة. بجرة قلم أصبحت الأرض ملكي والمبلغ حمله الطير وطار وانشقت الأرض وبلعتني، وأصبحت الأرض ملكي. أرغى الراعي وأزبد حين تجاهلت، فقد اختفيت والأرض طارت. وبعد ملاحقته لي وتهديدي أرسلت له صورة وهو في وضعية لا يُحسد عليها قلت له إني سأرسلها لزوجته. علم الأحمق أنَّ ثمن إزعاجي غالياً قد يكلفه وظيفته وزوجته معا.

 خرجت من البنك بعد أن حسبت المبالغ المالية والتي وصلت إلى ثمانين ألفاً وبعض الصكوك. ذهبت للإسكان لأعلم متى بيدأ توزيع حصص الأراضي في تلك المنطقة.  اتصلت سميرة أثناء مشواري إلى الإسكان، وسيل الشتائم الذي صدر منها لم يتوقف، فأغلقت هاتفي واتجهت إلى الصالون من الضروري أن أعتني ببشرتي فأسبوع الإجهاد والتعب قد استنفذ قواي.

اخترت فيشيل بالبلازما نعم إنه غالٍ ولكني لن أبخل على سلاحي النافذ يجب أن أشحذه بعناية وأصقله باهتمام لتعكس صورة الراعي الثاني عشر عليه.

أغمضت عينيَّ المنهكتين وأسلمت نفسي لأصابع الخبيرة واستسلمت للموسيقى الهادئة والتي قامت خبيرة التجميل بتشغيلها قبل الشروع في جلسة العناية.

حملتني الأنغام المنسابة على ظهر سحابة ذكرتني به، زوجي الأول تزوجته غرة طرية في سن السادسة عشرة، أخذني قطعة صلصال خام وشكلها باحتراف فنان علمني العشق وفنونه مقلتيه كانت بوابة الحياة الملونة الزاهية كلماته مفتاح كل باب أغلقته الرتابة والعدم.

كنت الرخامة التي صقلت بعنايته واهتمامه وحين انتهت مهمة الصقل وضعت أرضًا في المكان الذي يليق بها. كسرت قالب الصلصال وحطمت الرخامة المصونة التي صنعها لن أقبل أن أوضع أرضاً استقبل أقدام الزائرين، بل سأحطم تلك السيقان وأسحقها.

بعد ساعة من الزمن أنهيت تنظيف وجهي وتأملت وجهي في مرآة كبيرة في منتصف قاعة الصالون حاجبيّ الملتصقين والمقوسين عينيَّ اللتين تشبهان عيني قطة شفتاي المكتنزتين. أحسست بيد صغيرة تمسك طرف ثوبي إنها طفلة صغيرة، ذابت قطع ثلج باردة في قلبي وامتدت أصبع الرغبة تعبث بجراح تقاطعت في قلبي ونزفت في شرياني.

أمسكت يد الطفلة ونزلت لمستواها كم هي رقيقة وناعمة وجنتاها أشبه بحلاوة غزل البنات التي أعشقها كثيرا قبلت يداها وخدها وداعبت شعرها إلى أن أقبلت والدتها. فتحركت مدية كنت أخالها استكانت وشرعت بالطعن في كل جسمي إنها زوجة زوجي الجديدة. أخيلة القهر تركض فوقي بلا توقف إذا الفتاة الغضة ابنته.

أمسكت يد الفتاة الصغيرة ووضعتها بيد أمها، لم أنطق لم أتكلم لم أنبس جمعت أشياء وخرجت من الصالون.

جلست في سيارتي لا أحرك ساكناً ولا يرمش لي جفن، صدح نحيب خوالجي أصبح له طفلة وذرية، حقق ما يحلم به بدون، ستكون له ذكرى تخلد، ماذا عني أنا ليلى، هل أنا أسمال نوزع عن كتف فقير متهالك بعد نفوقه.

تساقطت عصاميات أدمعي وهي التي رابطت وحمت ممالك كبريائي عن السقوط، بصقت الدنيا وحظوظها في وجهي مجدداً، تباً لها فهي لا تنفك عن خذلاني ولا تنفك أنصال انتقامها تفقه أعين صبري وجلدي.

انتبهت لضربات خفيفة على نافذة السيارة الزجاجية، إنه شقيق زوجة طليقي الأكبر طلال، نعم أعرفه جيدا. مسحت الأدمع وفتحت النافذة كان قلقاً ويستفسر ما خطبي، وهنا نثرت خيوطي مرة أخرى فدحرجت خيوط الشفقة ونسجتها بأحرف الاستعطاف، لقد قررت أن يكون طلال الراعي الثاني عشر.