لغز فواتير الكهرباء

د. خالد بن علي الخوالدي

khalid1330@hotmail.com

لا تزال فواتير الكهرباء اللغز المُحير عند فئات كثيرة من المستهلكين، فبين عشية وضحاها وصلت تكلفة الكهرباء إلى الضعف عند البعض وإلى أكثر من ذلك عند البعض الآخر، وضجت وسائل التواصل الاجتماعي المُختلفة بأخبار زيادة تكلفة الكهرباء ومثلت هذه الزيادة لعدد من المستخدمين الصدمة التي لم يصدقها.

وعزا عدد من المحللين هذه الزيادة إلى رفع التسعيرة وتغيير نظام الشرائح تمهيدًا لرفع الدعم عن الكهرباء بعد عدة سنوات، وهذا التحليل الأقرب إلى الواقع والحقيقي الذي يتضح في الأفق لأن التحليلات الأخرى التي تتحدث عن القراءات التقديرية والتأخر في القراءات وغيرها من التحليلات قد تكون نسبتها قليلة كما تم نفي بعضها، حيث قال مسؤول سابق بأنَّ القراءات الفعلية تصل إلى نسبة 90% وهي نسبة كبيرة.

وطبقت شركات الكهرباء نظام الشرائح الجديد مع الأسعار الجديدة حيث كانت الشريحة الأولى سابقًا تبدأ من 0- 3000 كيلوواط بينما الآن تبدأ من 0- 2000 وكان سابقاً الشريحة الأولى يبدأ سعرها من 10 بيسات بينما الآن تبدأ تدريجياً هذا العام من 12 بيسة لتصل 15 بيسة، والشريحة الثانية كانت تبدأ من 3001 إلى 5000 كيلوواط بينما تبدأ حالياً من 2001 إلى 4000 وسعرها سابقاً 15 بيسة وحالياً تبدأ تدريجيا من 16 بيسة لتصل 20 بيسة في الأعوام القادمة، والشريحة الثالثة تبدأ سابقا من 5001 إلى 7000، بينما الآن تبدأ من 4001 إلى 6000 وسعرها سابقا 20 بيسة وحاليا تبدأ تدريجيا من 22 بيسة لتصل إلى 30 بيسة بعد عدة أعوام.

وهذا التحليل- كما قلت هو الواقعي- الذي يعول عليه أكثر من كل التحليلات الأخرى التي تضيف إليها المكوث في المنازل بسبب فيروس كورونا وقرارات الإغلاق الجزئي والتام وغيرها. وبما إننا عرفنا المشكلة، فعلينا التركيز عليها لمُعالجتها والمعالجة الشافية هي عودة الشرائح وأسعارها إلى سابق عهدها والتفكير في حلول أخرى وهي كثيرة، نذكر منها استخدام الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء وهي طاقة نظيفة ولها إيجابيات كثيرة ورخيصة، كما على الجهات المسؤولة دراسة واقع شركات الكهرباء؛ حيث تشتري الحكومة كمية كبيرة من الإنتاج ليس لها استخدام مما يعني إهدار أموال بدون فائدة، وهذه المراجعة سوف توفر مبالغ مالية للدولة ربما تصل إلى المبلغ المالي المحصل من قبل المستهلكين، وعلى الجهات المعنية بالتوازن المالي مراعاة المواطن في كل أحواله السكنية والتجارية والصناعية والزراعية فتأثير ارتفاع تكلفة القطاعات جميعها يعود أثره المباشر وغير المباشر على المواطن المغلوب على أمره فالتاجر والمزارع والصانع وغيرهم يعملون بمبادئ تجارية تعتمد في الأساس على الربح.

إن المواطن ليس له صد حماية إلا الحكومة وكل الإجراءات الحكومية عليها مراعاته حتى لا نسمع يومًا ضجيج القلوب الجميلة في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي باكية من ارتفاع فواتير الكهرباء والماء الذي يكسر القلوب والظهور، فلا نريد أن نسمع صرخات الاستغاثة ولا نريد رؤية "هاشتاجات" تتحدث عن مأساة ومُعاناة وألم، وعلى الجهات المعنية متابعة أي ارتفاع لأسعار الكهرباء والماء بدل أن تستمع لارتفاع أصوات المشتركين حتى لا يكثر الضجيج في وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى هذه الجهات عدم التعامل مع المواقف بمبدأ "عمك اصمخ"، وهو مبدأ ينفع أحيانًا ولكن ليس دائمًا، وعليها أن تدرك أن هناك فئات كبيرة من المجتمع من أصحاب الدخل المحدود، ومن أصحاب الضمان الاجتماعي والمصابين بالقروض والديون وليست لديهم المقدرة على دفع الفارق الكبير نتيجة أخطاء شركات الكهرباء.

وإذا كانت الجهات المسؤولة عن الكهرباء والمياه عاجزة عن حماية المستخدمين لخدمات الكهرباء والمياه، فعلى مجلس الوزراء أن يتدخل لحماية شرائح كبيرة من المواطنين ليست لديهم المقدرة على سداد المبالغ الكبيرة التي أرهقت كاهلهم، وقضت على كثير من خططهم المالية الأسرية التي كانوا يعتمدون عليها.. ودُمتم ودامت عمان بخير.